الثاني فلم يكن بظهور لفظي ناظر إلى موارد القسم الثاني أيضا، وإنما كان بمجرد اكتشاف الملازمة بعدم الفصل، وهذا لا يحقق ملاك الحكومة وهو النظر.
ونتيجة كل ما مضى حتى الآن: هي أنه لا يجوز للفقيه أن ينصب شخصا فاقدا لبعض الشرائط الماضية للقضاء.
ويمكن أن يستثنى من ذلك كل مورد يكون المرتكز عقلائيا دخوله في حق الولاية، فيتم الإطلاق المقامي لدليل الولاية فيه.
مثاله: أن المرتكز عقلائيا بشأن الولي والسلطان أن يكون من حقه نصب إنسان كفوء للقضاء قاضيا ولو لم يكن فقيها ما دام عارفا بموازين القضاء ولو عن تقليد. فنصب القاضي الكفوء بالمواصفات المعقولة التي يرتئيها الولي هو من شؤون الولاية، وهذا يحقق الإطلاق المقامي لدليل الولاية، فيصبح من حق الفقيه نصب إنسان كفوء عارف بمسائل القضاء - عن تقليد - للقضاء.
وهذا الوجه - كما ترى - أضيق دائرة بكثير من الوجه الأول الذي ناقشناه في فسح المجال أمام الفقيه لنصب فاقد بعض الشرائط الماضية للقضاء.
والأن لنراجع الشرائط الماضية واحدا بعد آخر لنرى أن أي واحد منها يمكن للفقيه غض النظر عنه في نصبه بناء على الوجه الأول لو تم، وبناء على الوجه الثاني، فنقول:
الشرط الأول - العلم -: وبديهي عدم معقولية نصب الجاهل للقضاء، ولكن كون علمه عن اجتهاد وإن كان قد أخذ في مصب النصب العام الوارد عن المعصوم (عليه السلام) لكن يمكن التغاضي عنه في نصب الفقيه لشخص ما للقضاء بناء على كلا الوجهين: أما على الوجه الأول فلأنه لا دليل على كون الاجتهاد شرطا فقهيا للقضاء، وأما على الوجه الثاني فلما مضى من أن المرتكز عقلائيا أن من شؤون الوالي أن ينصب الكفوء قاضيا ولو لم يكن فقيها.