الأداة المتمحضة في الشرطية ك (إن)، أما أمثال كلمة (من) و (ما) مما يعود إليه الضمير من الجزاء، فترجع قضيته إلى القضية المسوقة لبيان الموضوع سنخ (إن رزقت ولدا فاختنه). إذن فلا يوجد فيما نحن فيه مفهوم الشرط.
نعم قد يتمسك بمفهوم الوصف، ولكن ثبت في علم الأصول عدم تمامية مفهوم الوصف.
وقد يجاب على الإشكال الثالث والرابع بأن إنكار مفهوم الشرط والوصف إنما كان بمعنى إنكار السلب الكلي، ولم ننكر الدلالة على الانتفاء عند الانتفاء في الجملة حذرا من اللغوية. إذن فالرواية تدل على أن خلف الوعد يوجب - ولو أحيانا - انتفاء العدالة، وهذا كاف في اثبات المطلوب، ولا نحتمل - طبعا - فقهيا كون خلف الوعد بلا عذر يوجب أحيانا انتفاء العدالة لا دائما، فيثبت أن خلف الوعد بلا عذر موجب لانتفاء العدالة دائما.
إلا أننا لو رجعنا إلى السلب الجزئي بقدر نفي اللغوية استحكم الإشكال الأول في المقام، إذ يكفي في نفي اللغوية انتفاء بعض الجزاءات المتعاطفة.
على أن السلب الجزئي لا يثبت المطلوب في المقام، وذلك لأن الرواية لم يثبت كونها واردة بشأن واقع العدالة، ويحتمل كونها ناظرة بشأن ظهور العدالة، والأمارة عليها، حيث تقول: " ظهر عدله "، ويشهد لذلك قوله: " كان ممن... " مما قد يشير إلى أن غيره أيضا قد تظهر عدالته، ولا إشكال في أن ترك خلف الوعد له أمارة على العدالة، وبعض من يخلف الوعد لا تتم الأمارية بقدر الكفاية على عدالته، وهذا لا يعني دخل عدم الخلف في واقع العدالة.
وقد يستشهد لاشتراط ترك ما ينافي المروءة في العدالة بمرسلة أبي عبد الله الأشعري عن بعض أصحابنا رفعه عن هشام بن الحكم، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) في حديث طويل: (... يا هشام لا دين لمن لا مروة له ولا مروة لمن