إلا أنه قد يفترض شرط المروءة بمستوى أعلى من مستوى ما يجب شرعا مراعاته شرطا إضافيا في العدالة تمسكا بما ورد عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام): (ثلاث من كن فيه أوجبت له أربعا على الناس: من إذا حدثهم لم يكذبهم، وإذا وعدهم لم يخلفهم، وإذا خالطهم لم يظلمهم، وجب أن يظهروا في الناس عدالته، وتظهر فيهم مروته، وأن تحرم عليهم غيبته، وأن تجب عليهم أخوته) (1).
وسند الحديث غير تام.
وما ورد عن أحمد بن عامر الطائي عن أبيه عن الرضا (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) عن علي (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، فهو ممن كملت مروته، وظهرت عدالته، ووجبت أخوته، وحرمت غيبته " (2). وسنده أيضا غير تام.
وما ورد عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال: من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم كان ممن حرمت غيبته، وكملت مروته، وظهر عدله، ووجبت أخوته " (3). وسنده تام.
أما وجه الدلالة فهو أن يقال: إن خلف الوعد ليس حراما بالإجماع أو الضرورة الفقهية، وإن كان خلاف المروءة بمستوى أعلى من مستوى ترك المحرمات، ومع ذلك قد رتب عليه في هذه الروايات الحكم بالعدالة، وهذا يعني بالمفهوم انتفاء العدالة بخلف الوعد، وهذا هو معنى اشتراط المروءة بمستوى أعلى من ترك المعاصي في العدالة.