وحجة الشافعي بعيدة، إذ لو كان ذلك ظاهرا " بين أهل المدينة لما خفي على الباقر عليه السلام وهو سيدها، ولما أخبر مالك أن عبد الملك تجرى صاع عمر ولكان صاع النبي صلى الله عليه وآله بالتجري. ورواية أبي حنيفة عن أنس تعارض ما رواه الشافعي، فتعين التوقف حتى يثبت ما تجب به الزكاة. ويؤيد ذلك كتاب أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام فإنه كتب (الصاع ستة أرطال بالمدني وتسعة أرطال بالعراقي) (1).
فأما ما روي في أخبارنا من وجوب الزكاة في الوسق والوسقين، وغير ذلك من الاختلافات، فهو متروك لا عمل عليه، ولو صح نقله حمل على الاستحباب توفيقا " بين الروايات.
فرع لو تساوت الموازين في النقصان اليسير ولو رطل، لم تجب فيه. واختلف أصحاب الشافعي في النقصان اليسير كالرطل والرطلين.
لنا قوله: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) (2)، ولو اختلف الموازين الصحيحة لم يعمل على النقصان اليسير، ويعتبر بلوغ الأوساق عند الجفاف، فلو صار رطبا " أو الكرام عنبا " وبلغ النصاب لم يكن به اعتبار، واعتبر النصاب عند جفافه، وعليه اتفاق العلماء، وهو يدل على ما قلناه.
مسألة: وتتعلق الزكاة بها إذا صار الزرع حنطة وشعيرا "، وبالتمر إذا صار تمرا وزبيبا. وقال الشيخ (ره) في المبسوط: في الحبوب إذا اشتد، وفي الثمار إذا بدأ صلاحها، وبه قال الجمهور. وفائدة الخلاف أنه لو تصرف قبل صيرورته تمرا " وزبيبا "، لم يضمن، وعلى قولهم يضمن لتحقق الوجوب،