وهو وجوب نزح جميع الماء للفأرة والكلب فإن أكثر ما قيل في وقوع الفأرة هو سبع دلاء وفي وقوع الكلب أربعون دلوا بل الخنزير أيضا حكمه حكم الكلب عند كثير من الفقهاء وحمل نزح جميع الماء على صورة تغيره بالمذكورات كما فعله الشيخ قده لا يخفى ما فيه ضرورة أن التغير أيضا لا يستلزم وجوب نزح جميع الماء بل يكفي نزح مقدار يزول به التغير وكذا في صورة التغير وغلبة الماء لا معنى للتراوح إلى الليل فإنه إن زال التغير قبل الليل طهر وإن لم يزل لا يكفي التراوح إلى الليل بل لا بد من النزح إلى أن يزول التغير وإن كان إلى ليلتين أو ثلاث ليال أو أكثر.
فهذه الرواية غير معمول بها مع أنها معارضة لسائر الأخبار الواردة في نزح المذكورات ويمكن حمل قوله (عليه السلام) وقد طهرت على ما ذكرناه في الروايتين السابقتين من أن المراد بالطهارة رفع القذارة العرفية لا ما يقابل النجاسة ومما استدل به على النجاسة صحيحة ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أتيت البئر وأنت جنب فلم تجد دلوا ولا شيئا تغرف به فتيمم بالصعيد فإن رب الماء ورب الصعيد واحد ولا تقع في البئر ولا تفسد على القوم ماءهم (1) فإن جواز التيمم مع وجود الماء غير ممكن في هذا الفرض إلا إذا كان وقوع الجنب في البئر مستلزما لنجاسة الماء بأن كان بدنه متلطخا بالمني فيعلم منه تنجس الماء بملاقاة النجس و أيضا قوله (عليه السلام) ولا تفسد على القوم ماءهم ظاهر في الافساد من حيث النجاسة كما أن قوله (عليه السلام) في بعض الأخبار المتقدمة: ماء البئر واسع لا يفسده شئ (2) ظاهر في عدم الافساد من حيث النجاسة.
ولكن لا يخفى أنه حينئذ كان التعليل ببطلان غسله أولى من التعليل بافساد الماء على القوم، لأنه موهم لجواز الغسل عند عدم افساد الماء على القوم بأن كانت البئر ملكا له أو لم يكن لأحد فيها حق التصرف فلا بد من أن يراد بالافساد الافساد من حيث القذارة العرفية لا تقذر على القوم مائهم بأن كان بدنك متلطخا بالمني فتدخل في الماء فيستقذر القوم للماء بمقتضى طبائعهم أو المراد بالافساد صيرورة الماء ذا وحل أي لا تدخل في البئر فتغير الماء على القوم وتصيره ذا وحل وهذا الاحتمال الثاني صادق حتى مع طهارة البدن وأما الافساد