الله بوجه كالوجوه فقد كفر (1).
ولكن يمكن أن يقال: إن الحكم بكفرهم إنما هو في صورة التفاتهم بالملازمة واقرارهم بالتركيب والتعدد وأما إذا كان بدون التوجه إلى أن قولهم بجسميته تعالى مستلزم للتركيب والتعدد والاحتياج - كعدم توجه أكثر العوام فلا يوجب صرف القول بذلك الكفر مع أن ظاهر بعض الآيات هو الجسمية كقوله تعالى: الرحمن على العرش استوى (2) وقوله تعالى: وجاء ربك والملك صفا صفا (3) وغيرهما فالتمسك بظاهر الآيات مع عدم ملاحظة تأويلها ليس بكفر إذا لم يلتزم بلوازم الجسمية ولم يلتفت إليها وأما الروايات فلعل المراد بالكفر فيها هو الكفر الأخروي كما يأتي نظيره في بحث كفر العامة واسلامهم كيف لا والحال أن كثيرا من العامة قائلون بجسميته تعالى بل كثير من عوام الخاصة يزعمون أنه تعالى جسم لا كالأجسام ونور لا كالأنوار والالتزام بكفر جميعهم كما ترى.
ومن الطوائف التي قد حكم الشيخ قده على ما حكي عنه بكفرهم المجبرة ودليله ظاهرا هو الرواية المتقدمة آنفا عن الرضا عليه السلام قال: من قال بالتشبيه والجبر فهو كافر مشرك والبحث في هذه الطايفة نظير الطائفة السابقة فإنه يقال في هذا المورد أيضا أن القول بالجبر إن استلزم الانكار لضروري من ضروريات الدين كانكار العذاب وانكار بعث الرسل وانزال الكتب فإن هذه الأمور لازمة للقول بالجبر فهو موجب للكفر في صورة التزامه بهذه الأمور واقراره بها وإلا فلا والظاهر أن المراد بالكفر في الرواية هو الكفر الأخروي كما مر نظيره.
وهكذا الكلام في المفوضة سواء أكان المراد منهم من زعم أن الله تعالى قد فوض أمور الخلق من الإحياء والإماتة والخلق والرزق إلى محمد وآله صلوات الله عليهم أجمعين أم كان المراد منهم من زعم أن الله قد فوض جميع الأمور إلى العباد وليس له تعالى دخل ولا تصرف في أي أمر من أمورهم من الرزق والمرض والصحة والفقر والغنى وغير ذلك فادعى أن ذلك كله مفوض إليهم فإن هذا القول أيضا إذا استلزم انكار الضروري من نسبة العجز أو