وأما إذا قلنا: بأن الإنفحة هي نفس المايع الموجود في الظرف وهو الذي كان محلا للابتلاء وهو الذي يستعملونه لصناعة الجبن ويقال له بالفارسية (پنيرمايه) وأما الظرف فليس موردا للحاجة فاللازم هو الحكم بطهارته فقط وأما ملاقاته للميتة - أعني الظرف فيمكن أن يكون من الموارد المخصصة للعمومات الدالة على أن ملاقي النجس نجس كما مر في بحث اللبن والقدر المتيقن هو طهارة نفس المايع وأما الظرف المشتمل عليه فلا يعلم استثنائه من الميتة فمقتضى القاعدة نجاسته.
الرابع من الأشياء المستثناة من الميتة ما لا تحله الحياة كالصوف والشعر والوبر والسن والظفر والناب والحافر وكذا العظم والبيض والدليل على استثنائها أخبار كثيرة.
منها صحيحة زرارة المتقدمة آنفا ومنها حسنة حريز قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لزرارة ومحمد بن مسلم: اللبن واللباء والبيضة والشعر والصوف والقرن والناب والحافر وكل شئ ينفصل من الشاة والدابة فهو ذكي وأن أخذته منه بعد أن يموت فاغسله وصل فيه (1).
ومنها رواية الحسين بن زرارة قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وأبي يسأله عن السن من الميتة والإنفحة من الميتة واللبن من الميتة والبيضة من الميتة فقال: كل هذا ذكي الخبر (2) ومنها مرسلة الصدوق عن الصادق عليه السلام قال: عشرة أشياء من الميتة ذكية القرن والحافر والعظم والسن والإنفحة واللبن والشعر والصوف والريش والبيض (3) إلى غير ذلك من الأخبار.
الخامس من النجاسات الدم من كل حيوان له نفس سايلة وهو اجماعي بل ادعى ضرورة المسلمين على نجاسة الدم في الجملة.
واستدل لنجاسته بالأدلة الثلاثة الأول الآية أي قوله تعالى: إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس (4) الآية وهذا الاستدلال مبني أولا على أن المراد بالرجس النجاسة وأما إذا كان المراد به القذارة فلا دلالة فيها على النجاسة وثانيا مبني على رجوع الضمير أعني قوله تعالى فإنه رجس إلى الثلاثة أي الميتة والدم ولحم الخنزير ومن المحتمل