الفصل بين المسجد الحرام وغيره ولكن يرد على هذا الاستدلال أن الأمر على فرض دلالته على الوجوب لا يدل إلا على وجوب تطهير المسجد بعد تنجسه فلا يدل على حرمة تنجيس المسجد كما لا يخفى فتأمل.
الثالث الرواية المروية من طرق العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
جنبوا مساجدكم النجاسة (1) بعد انجبار ضعفها بعمل الأصحاب بها.
ويمكن أن يناقش في دلالتها - مع الغض عما في سندها بأنه يحتمل أن يكون المراد بالمساجد مواضع السجدة كما في قوله تعالى: إن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا (2).
إلا أن يجاب عن هذه المناقشة بأن الظاهر من المساجد هي المساجد المعروفة لا مواضع السجدة لوقوع نظائرها في الأخبار كقوله عليه السلام: جنبوا مساجد كم الأطفال والمجانين ونحو ذلك.
واستدل أيضا على عدم جواز تنجيس المساجد بموثقة الحلبي قال: نزلنا في مكان بيننا وبين المسجد زقاق قذر فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال: أين نزلتم فقلت: في دار فلان فقال: إن بينكم وبين المسجد زقاقا " قذرا أو قلنا له: إن بيننا وبين المسجد زقاقا قذرا فقال: لا بأس إن الأرض يطهر بعضها بعضها (3) وبروايته الأخرى عنه عليه السلام قال:
قلت له: إن طريقي إلى المسجد في زقاق يبال فيه فربما مررت فيه وليس علي حذاء فيلصق برجلي من نداوته فقال: أليس تمشي بعد ذلك في أرض يابسة قلت: بلى قال: فلا بأس أن الأرض يطهر بعضها بعضا قلت: فأطأ على الروث الرطب فقال: لا بأس أنا والله ربما وطئت عليه ثم أصلي ولا أغسل (4).
ويرد على الاستشهاد بهذه الرواية أنه يمكن أن يكون مورد نظر السائل أن النجاسة مانعة للصلاة فأجاب عليه السلام بأن الأرض يطهر بعضها بعضا خصوصا بقرنيه