البحث في ماء البئر وأما ماء البئر ففيه بحثان الأول في مفهوم البئر ومعناه لغة أو شرعا قال في المسالك نقلا عن الشهيد: إنها مجمع ماء نابع من الأرض لا يتعداها غالبا ولا يخرج عن مسماها عرفا انتهى قلت: الأحكام الثابتة للبئر لا بد من احراز مراد الشارع من لفظ البئر الواقع في كلامه إما بالحقيقة اللغوية وأصالة عدم النقل عنها في كلام الشارع أو بالحقيقة الشرعية إن قلنا بها أو بالاجماع على عدم الفرق بينهما وإلا فترتب الأحكام الشرعية عليها مع عدم احراز أن المراد بالبئر الواقعة في كلام الشارع هي البئر الواقعة في كلامنا والمصطلحة عندنا غير ممكن لاحتمال اختلاف عرفه مع عرفنا.
ولكن الظاهر أن الشارع ليس له اصطلاح خاص بالنسبة إلى البئر ولا فرق بين المعنى اللغوي والعرفي فيها ومعناها العرفي واضح وهو النابع غير الجاري على وجه الأرض الذي له قعر وهو المرادف لقولنا بالفارسية (چاه) وكذا هو مرادف لسائر اللغات المستعملة في هذا المعنى في أي لغة كان فليس له اصطلاح خاص في جميع اللغات.
المبحث الثاني في أحكامها وهل ينفعل ماءها بوقوع النجس فيها؟ فيه أربعة أقوال (الأول) الانفعال مطلقا وهو المشهور بين القدماء (الثاني) عدمه مطلقا وهو المشهور بين المتأخرين (الثالث) التفصيل بين الكر وغيره بعدم الانفعال في الأول والانفعال في الثاني وهو المنقول عن الشيخ محمد بن محمد البصروي من القدماء (الرابع) عدم الانفعال ووجوب نزح المقدرات تعبدا نسب ذلك إلى العلامة والأقوى هو القول الثاني ويدل عليه كثير من الأخبار (منها) صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع قال: كتبت إلى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن الرضا صلوات الله عليه فقال: ماء البئر واسع لا يفسده شئ إلا أن يتغير ريحه أو طعمه فينزح حتى يذهب الريح ويطيب طعمه لأن له مادة (1).