هذه كله بالنسبة إلى عين النجس. وأما المتنجس كصيرورة الخشب بالاحراق رمادا أو دخانا فربما يقال بعدم حصول الطهارة بذلك لأن الحكم بالطهارة في الأعيان النجسة بسبب الاستحالة إنما ثبت على عين النجس كالخمر والكلب إذا انقلبا إلى عين طاهره كالخل والملح فقد تبدل موضوع النجس أعني الخمر والكلب إلى موضوع طاهر وهو الخل والملح.
وهذا بخلاف المتنجس فإن الحكم بالنجاسة في مثل الخشب لا يثبت على الخشب من حيث إنه خشب بل من حيث إنه جسم فإذا تبدل جسميته إلى جسم آخر لم تتبدل الجسمية بل تبدلت الخشبية والمفروض أن الحكم بالنجاسة لم يترتب على الخشبية.
هذا ولكن هذا الوجه يشبه بالسفسطة لأنه إذا كان تبدل عين النجس إلى جسم طاهر موجبا لطهارته فتبدل المتنجس إلى جسم طاهر أولى بالحكم بالطهارة وموضوع النجس وإن لم يكن نفس الخشب إلا أن النجس القائم به ينعدم بالاحراق ويتبدل إلى موضوع طاهر.
(الرابع) من المطهرات الاسلام فإن الكافر إذا أسلم يطهر وهو اجماعي بل ضروري بالنسبة إلى جميع أقسام الكفر إلا كفر المرتد الفطري والمراد بالمرتد الفطري من انعقدت نطفته والحال أن أحد أبويه مسلم فإنه يستفاد من كلمات كثير من الفقهاء بل قيل: إنه مشهور عدم قبول توبته لا ظاهرا ولا باطنا.
وقيل: إنه تقبل توبته باطنا بمعنى صحة عباداته وطهارته عند نفسه - لا ظاهرا بمعنى عدم صحة عباداته بالنسبة إلى الغير فلا يجوز للغير الاقتداء به ولو صار بعد اسلامه عادلا وكذا لا يجوز للغير معاملته معاملة الطاهر.
وقيل بقبول توبته ظاهرا وباطنا وهو الأقوى ويدل على القول الأول صحيحة محمد بن مسلم قال عليه السلام: من رغب عن الاسلام وكفر بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وآله بعد اسلامه فلا فتوبة له وقد وجب قتله وبانت منه امرأته ويقسم ما ترك على ولده (1).