ثم تغليه حتى يذهب حلاوته ثم تنزع مائه الآخر فتصبه على الماء الأول ثم تكيله كله فتنظر كم الماء ثم تكيل ثلثه فتطرحه في الإناء الذي تريد أن تغليه وتقدره وتجعل قدره قصبة أو عودا فتحدها على قدر منتهى الماء ثم تغلي الثلث الآخر حتى يذهب الماء الباقي ثم تغليه بالنار فلا تزال تغليه حتى يذهب الثلثان ويبقى الثلث الحديث (1).
ولكن الانصاف أنه لا دلالة لهذه الروايات على الحرمة أو النجاسة بمجرد الغليان أما قوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان كل عصير أصابته النار الخ فالظاهر منه العصير العنبي لعدم امكان إرادة الكلية منه لشموله ح لعصر الرمان والبطيخ والتفاح وغيرها وهو واضح الفساد فلا بد من أن يراد منه العصير العنبي بل ادعى بعض بأن العصير لغة أو عرفا هو العصير العنبي فقط فلا يقال للعصير الزبيبي.
وأما روايات النضوح فلم يعلم ما المراد منها وأن حرمتها أو نجاستها هل هو لأجل نفس الغليان بدون وصف الاسكار أو كان الأمر باذهاب الثلثين منه أو الأمر باهراقه في البالوعة لأجل حصول الاسكار له بمجرد الغليان بدون ذهاب الثلثين منه بواسطة جعل بعض المواد في ماء التمر أو لأجل فساده واضراره بالبدن بمجرد الغليان بدون ذهاب ثلثيه فلذا أمر باهراقه في البالوعة لأنه من البعيد عدم علم نسائه بنجاسته قبل ذهاب ثلثيه وكذا عدم علمهن بحرمته فإنه على تقدير طهارته وحرمته لا مانع من استعماله في غير الشرب وإن كان شربه محرما فيحتمل ما ذكرناه من كون شربه قبل ذهاب ثلثيه مضرا للبدن.
وأما رواية علي بن جعفر فمع فرض ذهاب الثلثين في كلام السائل لا في كلام الإمام عليه السلام يحتمل أن يكون ذهاب الثلثين لأجل بقائه سنة كما يظهر من كلام السائل لا لأجل تحقق الحلية.
وأما رواية زيد النرسي فإنها وإن كانت صريحة في الحرمة إلا أنه لا يصح الاعتماد عليها لأنها ضعيفة السند بل قيل: إن أصله موضوع ورواية ابن أبي عمير عنه أحيانا لا يجبر ضعف روايته لامكان روايته أحيانا عن الضعفاء مع أن الرواية التي يرويها ابن عنه يمكن جبرها بنقله عنه وهذه الرواية لم ينقلها عنه ابن أبي عمير هذا ما ذكره الأستاذ دام ظله.
(ولكن يمكن أن يقال: إن عمير رض لا يرسل إلا عن ثقة فلذا يعتمد الأصحاب