في الطهارة مع أن صاحب الكافي بعد نقله لهذه المكاتبة قال بلا فصل: وبهذا الاسناد قال: ماء البئر واسع لا يفسده شئ إلا أن يتغير به (1) فيظهر منه أن هذه الرواية أيضا مكاتبة بنحو مكاتبته السابقة ويؤيده أن الشيخ (قدس سره) نقلها في التهذيب بسند المكاتبة السابقة (2) فيحتمل قويا أن الروايتين هما مكاتبة واحدة لا مكاتبتان فحينئذ يصلح قوله (عليه السلام) ماء البئر واسع (الخ) ردعا لظاهر قوله: ما الذي يطهرها و (منها) صحيحة علي بن يقطين عن موسى بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن البئر يقع فيها الحمامة والدجاجة والفأرة والكلب والهرة فقال يجزيك أن تنزح منها دلاءا فإن ذلك يطهرها انشاء الله (3) وهذه الرواية أظهر دلالة من سابقتها في دلالتها على تنجس ماء البئر بوقوع النجس فيها لأن السابقة كانت دلالتها بالتقرير وهذه بتصريح الإمام (عليه السلام) بأن ذلك يطهرها فيعلم منه أن الماء صار نجسا بوقوع المذكورات فيها حتى يطهره النزح.
والجواب في هذه الرواية هو الجواب الذي ذكرناه في تلك الرواية من أن اهمال الدلاء وعدم ذكر مقدارها مع أن بين هذه النجاسات فرقا بينا بحسب الأخبار الواردة في كل واحدة منها ومع أنه عليه السلام كان في مقام البيان بقرينة قوله (عليه السلام): يجزيك يستشعر منه أنه للتنزه لا وجوب النزح ويمكن أن يكون قوله (عليه السلام) فإن ذلك يطهرها صدر لأجل التقية فإن العامة قائلون بنجاسة البئر بوقوع إحدى النجاسات فيها فعبر (عليه السلام) بما يوافق التقية وأشار إلى عدم النجاسة باهمال الدلاء والأمر بنزح الدلاء للنظافة.
ومنها رواية عمار الساباطي عن الصادق عليه السلام قال في آخرها: وسئل عن بئر وقع فيها كلب أو فأرة أو خنزير قال: تنزف كلها فإن غلب عليه الماء فلتنزف يوما إلى الليل ثم يقام عليها قوم يتراوحون اثنين اثنين فينزفون يوما إلى الليل وقد طهرت (4).
فإن قوله: وقد طهرت في ذيلها قد دل على أن البئر صارت نجسة بوقوع أحد المذكورات فيها وهذه الرواية أيضا لا تصلح لمعارضة أخبار الطهارة لاشتمالها على ما لم يقل به أحد من الفقهاء