المعنى - والله العالم - إنما المشركون ذو نجس فلا تدل الآية حينئذ على نجاستهم الذاتية فيصير ظاهرها على تقدير (ذو) إنما المشركون أصحاب النجاسة فلا تدل إلا على النجاسة الغرضية أي أنهم حيث لا يجتنبون من النجاسات كالخمر والخنزير والبول والغائط فلذا يكونون مصاحبين للنجاسة الثاني أن النجس على فرض امكان حمله على الذات يحتمل أن يراد منه النجاسة الحكمية أي الخباثة الباطنية فهو نظير قوله تعالى: إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس الآية حيث إنه لا معنى لكون الميسر والأنصاب والأزلام رجسا إلا إذا كان بمعنى الخباثة فمع هذا الاحتمال لا يمكن الاستدلال لنجاسة المشركين بهذه الآية إنما المشركون نجس.
ولكن يمكن الجواب عن الاشكال الأول بأنه لا حاجة إلى تقدير كلمة ذو حتى يلزم ما ذكر فإنه يمكن حمل المصدر على الذات للمبالغة مثل زيد عدل فح تصير دلالة الآية على نجاسة الكافر أوضح مما إذا كان النجس بالكسر أعني ما إذا كان بنحو الوصفية محمولا على المشركين كما هو واضح.
وعن الاشكال الثاني بأنه وإن كان النجس يحتمل بأن يراد منه النجاسة الحكمية أعني الخباثة - إلا أن الظاهر من لفظ النجس هو النجاسة العينية كما في سائر النجاسات فكما أنه إذا قيل: الكلب نجس لا يحتمل أحد منه إلا النجاسة العينية فكذا فيما نحن فيه.
نعم يحتمل ذلك أي النجاسة الحكمية في قوله تعالى: ويجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون (1) فإن استدل لنجاسة مطلق الكفار بهذه الآية فلولا احتمال إن المراد من الرجس في هذه الآية النجاسة الحكمية لكانت دلالة الآية على نجاسة مطلق الكفار أوضح من دلالة الآية السابقة هذا كله في نجاسة غير الكتابي.
في حكم الكتابي:
وأما الكتابي أي أهل الكتاب فالمشهور بل ادعى من غير واحد الاجماع على نجاستهم ولكن نقل عن ابن الجنيد الحكم بطهارتهم وعن ابن أبي عقيل الحكم بطهارة سؤر الذمي وعن المفيد قدس سره الحكم بكراهة سؤر الذمي.