تسمى السفن اتخذها من جلود السمك فهل يجوز لي العمل بها ولسنا نأكل لحومها فكتب عليه السلام لا بأس (1) حيث إنه عليه السلام لم يتعرض لغير عدم جواز الصلاة فيها فيظهر من هذه الرواية طهارة جلود الميتة وعدم وجوب غسل اليد إذا لاقتها مع الرطوبة مع أنه أيضا من المسائل التي سأل السائل عنها وكان عليه السلام بصدد الجواب وفي مقام البيان ومن البعيد جدا حملها على ما إذا لاقتها مع غير الرطوبة خصوصا في المناطق الحارة وخصوصا في الصيف مع أن عدم التفصيل بين ملاقاتها بالرطوبة وبين ملاقاتها بدون الرطوبة دليل على العموم.
ومنها رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته عن الرجل يقع ثوبه على حمار ميت هل تصلح له الصلاة فيه قبل أن يغسله قال: ليس عليه غسله وليصل فيه ولا بأس (2) ولكن يمكن حمل هذه الرواية على ما إذا كانت الملاقاة بغير الرطوبة.
وأما الروايات المتقدمة فلا يمكن العمل بمضمونها لكونها مخالفة لضرورة المذهب من نجاسة جميع أجزاء الميتة عدا ما استثنى منها من الشعر والوبر والصوف والعظم ونحو ذلك مضافا إلى معارضتها للروايات الصحيحة المعمول بها عند الأصحاب الصريحة في نجاسة جلود الميتة.
منها صحيحة محمد بن مسلم قال: سألته عن الجلد الميت أيلبس في الصلاة إذا دبغ؟
فقال: لا ولو دبغ سبعين مرة (3).
ومنها رواية أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في الفراء قال:
كان علي بن الحسين عليه السلام رجلا صردا فلا تدفئه فراء الحجاز لأن دباغها بالفرط وكان يبعث إلى العراق فيؤتى مما قبلكم بالفرو فيلبسه فإذا حضرت الصلاة ألقاه وألقى القميص (الذي تحته) الذي يليه فكان يسئل عن ذلك فقال: إن أهل العراق يستحلون لباس جلود الميتة ويزعمون أن دباغه ذكاؤه (4) والظاهر أن نزعه عليه السلام للفرو قبل الصلاة إنما كان لأجل نجاستها كما يشهد لذلك نزعه للقميص الذي تحته.