وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم قال عني بطعامهم هنا الحبوب والفاكهة غير الذبائح التي يذبحون فإنهم لا يذكرون اسم الله عليها أي على ذبائحهم ثم قال: والله ما استحلوا ذبائحكم فيكف تستحلون ذبائحهم (1).
ومنها مفهوم رواية سماعة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن طعام أهل الكتاب ما يحل منه قال: الحبوب (2).
ومنها صحيحة هشام بن سالم عنه عليه السلام في قوله تعالى: وطعامهم حل لكم (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ظ) فقال: العدس والحمص وغير ذلك (3) إلى غير ذلك من الأخبار بل عن كثير من أهل اللغة تفسير الطعام بخصوص البر وعلى فرض كون الطعام في الآية مطلق ما يؤكل فالمراد من حليته حليته من حيث هو فلا ينافيها حرمته ونجاسته من حيث كونه ملاقيا لهم بالرطوبة السارية مثل أن يقال: لحم الغنم حلال فمن المعلوم أن المراد من حليته إنما هو من حيث ذاته فلا ينافيها ما إذا عرضت عليه الحرمة بالعنوان الثانوي مثل ما إذا كانت موطوئة للانسان أو مغصوبة.
وأما ما عن بعض من أن المراد بالطعام في الآية ذبائح أهل الكتاب فهو مناف لقوله تعالى: ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق (4) حيث إن من المعلوم عدم ذكرهم لاسم الله عز وجل على ذبائحهم وعلى فرض ذكرهم اسم الله عليها أو دلالة اطلاق الآية على حلية ذبائحهم فلا تدل على طهارتهم لعدم الملازمة بين الحلية والطهارة كما يظهر ذلك فيما يصيده الكلب المعلم فإنه إذا لم يدركه حيا وقتله الكلب قبل ذلك فإنه حلال إذا اجتمع فيه شرائط الصيد مع أنه ليس بطاهر بل موضع ملاقاته الكلب نجس كما هو واضح وأما الأخبار فمنها صحيحة معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الثياب السابرية يعملها المجوس وهم أخباث يشربون الخمر ونسائهم على تلك الحال ألبسها فأصلي فيها؟ قال: نعم قال معاوية: فقطعت له قميصا وخطته وفتلت له أزرارا ورداء من السابري ثم بعثت بها إليه في يوم الجمعة حين ارتفع النهار فكأنه عرف ما أريد فخرج بها إلى