لا يسقط بالمعسور بأن يقال: إن بين مورد الآية وقاعدة الميسور عموما وخصوصا من وجه لصدق الآية بدون قاعدة الميسور فيما إذا لم يجد ماء أصلا وصدق القاعدة بدون الآية في غير باب التيمم والوضوء وتصادقهما فيما إذا وجد ماء لا يكفي للطهارة المائية فح يقع التعارض في مورد التصادق ولا وجه لتقديم أحد المتعارضين على الآخر من غير مرجح.
ولكن يمكن أن يجاب عن هذا التوهم بأن قاعدة الميسور يستفاد منها أن الشئ الناقص يقبله الله مكان الشئ التام مثل ما إذا قال: صل عن قيام فإن لم تتمكن من القيام فصل قاعدا فهو من باب قبول الشئ الناقص مكان الكامل وهذا أي قبول الناقص مكان الكامل يكون في غير مورد جعل البدل للشئ وإلا ففي مورد جعل البدل للشئ يكون البدل مكان ذلك الشئ الكامل مثلا إذا قيل: أطعم عشرة من السادات بالطعام اللذيذ وإن لم تقدر على اطعامهم بالطعام اللذيذ فأطعمهم بالخبز واللبن ففي هذا المورد الذي جعل للفرد الكامل البدل لا يتوهم أحد جريان قاعدة الميسور فيه بأن يطعم خمسة منهم بالطعام اللذيذ عند عدم القدرة على اطعام العشرة ويترك الباقي بل ينتقل ذهنه إلى وجوب البدل وهو طعام العشرة بالطعام الأدون.
وهذا المورد من هذا القبيل فإن التيمم بدل عن الوضوء التام فلا تنتقل وظيفته إلى الفرد الناقص أي بعض الوضوء مع عدم التمكن من التام لجعل الشارع البدل - وهو التيمم - للفرد التام.
فرع إذا كان عنده ماء بمقدار الطهارة المائية وكان بدنه أو لباسه نجسا فهل يقدم إزالة الخبث ويتيمم للصلاة أو يستعمل الماء في الطهارة المائية ويصلي مع الخبث؟ المشهور بل ادعى عليه الاجماع هو القول الأول لأن مطلوب الشارع سبحانه هو الصلاة مع الطهارة من الحدث و الخبث فإذا استعمل الماء في رفع الخبث وتيمم فقد حصل كلا مطلوبي المولى سبحانه أعني الصلاة مع الطهارة من الحدث والخبث بخلاف ما إذا استعمل الماء في الطهارة المائية فإنه لا يتحقق إلا أحد مطلوبيه أعني الطهارة من الحدث ولم يأت بمطلوبه الآخر أعني الطهارة من الخبث فإذا دار الأمر بين الاتيان بالفرد الكامل والآتيان بالفرد الناقص فالأول مقدم بشهادة الوجدان فإن الصلاة مع الطهارة من الحدث والطهارة من الخبث فرد كامل للصلاة