السبب الثالث من أسباب التيمم الخوف من استعمال الماء إما على نفسه إما على من يتعلق به أو على عرضه بأن يخاف أن هو فارق عرضه - كزوجته وأمه وأخته - وذهب لتحصيل الماء أن يتعرض أحد لعرضه أو يخاف بأن يسبه أحد أو يهتك ستره إن أراد استعمال الماء فإنه أيضا من موارد التيمم أو يخاف على ماله بأن يذهب السارق بماله أو يحترق أو يذهب به السيل ونحو ذلك فهذه الموارد كلها من موارد قوله تعالى: وما جعل عليكم في الدين من حرج (1).
فإن هذا الموارد من موارد الحرج إلا فيما يخاف على المال فيما إذا لم يقع بتلفه في الحرج فإن هذا المورد ليس من موارد الحرج مثلا إذا علم بأن استعمال الماء أو الاتيان به مستلزم لذهاب مأة دينار منه بأن يذهب به اللص أو يأخذه الظالم منه قهرا وجبرا ولكن لا يقع بذهابها في حرج بل يكون متمكنا فإن هذا المورد من موارد الضرر دون الحرج فإن علم بذلك قبل استعمال الماء يرتفع وجوب الطهارة المائية لقاعدة لا ضرر وإن شك في أن الطهارة المائية مستلزم لذهاب هذا المقدار من المال الذي يكون مع ذهابه متمكنا أولا فهل تشمله القاعدة - أعني لا ضرر أولا - الظاهر لا لأنه يشك في كونه من مصاديق الضرر ولا بد في كل حكم من الأحكام الشرعية سواء كانت مثبتة للحكم أم نافية له من احراز موضوع ذلك الحكم فبدون احراز الموضوع لا يمكن ترتب الحكم وهو واضح.
وهل يمكن التمسك بعموم أدلة وجوب الوضوء في هذا المورد المشكوك الظاهر لا، لأنه تمسك بالعام في الشبهة المصداقية فح لا يمكن ادراج هذا الفرد المشكوك في العام أعني أدلة الوضوء ولا في المخصص - أعني قاعدة لا ضرر - فلا بد من الرجوع فيه إلى سائر الأدلة من البراءة أو الاحتياط نعم يمكن أن يقال: إن الأحكام الثانوية أي الاضطرارية مترتبة على خوف الضرر لا العلم بالضرر كالصوم الذي يخاف معه الضرر فإنه يجب فيه الافطار وغير ذلك الذي استفيد من الأخبار وكلمات الأصحاب أن المناط فيه خوف الضرر لا العلم به مضافا إلى ورود بعض الأخبار في خصوص هذا المورد المشعرة بأن الملاك هو الخوف من الضرر.
كرواية داود الرقي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أكون في السفر فتحضر الصلاة وليس معي ماء ويقال: إن الماء قريب منا أفأطلب الماء وأنا في وقت يمينا وشمالا