والمراد بإصابة النار اغلاء النار للعصير بقرينة سائر الروايات وظاهر هذه الرواية أن ذهاب الثلثين أيضا بالنار فإنه إذا قيل في المثل العرفي: إذا غلا الماء بالنار فلا تغسل جسدك به حتى يذهب ثلثاه يستفاد منه أن ذهاب الثلثين أيضا بالنار كما كان غليانه بالنار أيضا.
ومنها رواية محمد بن الهيثم المتقدمة عنه عليه السلام قال: سألته عنه العصير يطبخ بالنار حتى يغلي من ساعته فيشربه صاحبه قال: إذا تغير عن حاله وغلا فلا خير فيه حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه وهذه أيضا ظاهرة في كون ذهاب ثلثيه بالنار حيث إن المفروض في السؤال أنه يطبخ بالنار فالجواب منزل على مفروض السؤال فلا اطلاق فيه حتى يتمسك به للعموم.
ومنها رواية أبي بصير عنه عليه السلام وقد سئل عن الطلاء فقال: إن طبخ حتى يذهب منه ثلثان ويبقى واحد فهو حلال وما كان دون ذلك فليس فيه خير (1).
ومنها حسنته قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن العصير إذا طبخ حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه فهو حلال (3) وهاتان الروايتان ليس لهما اطلاق يتمسك به لأن المفروض فيهما هو الطبخ وهو لا يكون إلا بالنار فذهاب ثلثيه المتفرع على الطبخ لا يكون إلا بالنار ومثل هذه الروايات سائر روايات الباب التي قيل باطلاقها أو اطلاق بعضها في كون ذهاب الثلثين بأي نحو اتفق كافيا في حصول الحلية فإنك إذا تأملتها حق التأمل لا تجد فيها اطلاقها يشمل جميع أنحاء ذهاب الثلثين بأي نحو اتفق.
فإنه إما فرض فيها إصابة النار للعصير أو طبخ العصير وما لم تفرض فيها إحدى الجهتين فظاهرها أيضا كون ذهاب الثلثين بالنار بل الظاهر من هذه الروايات كون الغليان أيضا بالنار فليس لها اطلاق يشمل ما إذا غلا بنفسه أو بالشمس فالأحوط احتياطا شديدا كون الغليان بالنار وذهاب الثلثين أيضا بها وفي غير هذه الصورة لا يعلم بتحقق الحلية فالأحوط الاجتناب عنه إلى أن يصير خلا هذا كله في العصير العنبي.
وأما العصير الزبيبي والتمري إذا غليا فعدم نجاستهما اجماعي كما ادعاه بعضهم وأما حرمتها فعن صاحب الحدائق دعوى الاجماع على عدمها ولكن حدث القول بالحرمة في الأعصار المتأخرة وحكي عن الشيخ سليمان البحراني والسيد الجزائري والمولى محمد باقر البهبهاني