نعم حملهما الأصحاب بالنسبة إلى غسل الثوب كل يوم مرة على الاستحباب فح العمل على طبق اطلاق تلك الأخبار متعين اللهم إلا أن يقال: إن تلك الأخبار مطلقة يمكن تقييدها بهاتين المضمرتين لكن يرد عليه أن المضمرتين لا تصلحان للتقييد لأنهما ضعيفتا السند ولا جابر لهما وإن كان الأحوط اعتبار المشقة في غسل الدم.
وأما اعتبار السيلان فقد عرفت معناه وأن المراد به على تقدير اعتباره هو عدم انقطاع الدم بالمرة ولا بأس بالالتزام به بهذا المعنى وإن أمكن دفع اعتباره باطلاق سائر الأخبار.
ثم إن المعفو من دم القروح والجروح ما كان في أطراف القروح - أو الجروح دون ما إذا تجاوز من أطرافها فإذا تجاوز عن المقدار المتعارف إلى الأطراف وكان يمكنه ربطه بخرقة أو نحوها فالأقوى عدم العفو، والمقدار المتعارف يختلف بحسب اختلاف القروح والجروح في الكبر والصغر وبحسب اختلاف مواضعها ولا بد من صدق القروح أو الجروح من موارد العفو فالدماميل الصغار التي تحصل بالحكة ونحوها لا يصدق عليها القروح وكذا الشقاق الذي يتحقق في البدن بواسطة البرد ونحوه لا يصدق عليه الجروح نعم في صورة الصدق في كل مورد يجري عليه حكم العفو، وفي موارد عدم الصدق إن استلزم غسلها للعسر والحرج المنفيين في الاسلام لا يجب غسلها بواسطة أدلة العسر والحرج لا بواسطة هذه الأدلة فإن هذه الأدلة أعم من أدلة العسر والحرج فإن الظاهر من هذه الأدلة هو العفو عن دم القروح والجروح وإن لم يستلزم غسلها للعسر والحرج فهذه الأدلة دائرتها أوسع من دائرة أدلة نفي العسر والحرج.
(الثالث:) مما يعفى عنه في الصلاة الدم الأقل من الدرهم وادعى غير واحد على عفوه الاجماع وأما الدم الذي يكون أكثر من الدرهم فالاجماع على عدم عفوه.
وإنما الاختلاف في الدم الذي يكون بمقدار الدرهم فالأكثر على عدم عفوه وقيل بالعفو عنه ويستشعر ذلك من بعض الأخبار فلنذكر بعضها حتى يتضح القول المختار.
منها صحيحة عبد الله بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما تقول في دم البراغيث.؟ قال: ليس به بأس قال: قلت: إنه يكثر ويتفاحش قال: وإن كثر قلت:
فالرجل يكون في ثوبه نقط الدم لا يعلم به ثم يعلم فينسى أن يغسله فيصلي ثم يذكر بعد ما صلى أيعيد صلاته قال: يغسله ولا يعيد صلاته إلا أن يكون مقدار الدرهم مجتمعا فيغسله