أحدث والقدر المتيقن من ما خرج من هذه الاطلاقات ما إذا أحدث قبل الغسل وأما إذا أحدث في أثناء الغسل فلا يعلم بخروجه عن اطلاقات الأدلة فتشمله اطلاقات الأدلة ولا تصل النوبة إلى التمسك بالاستصحاب لأنه تمسك بالأصل في موضع وجود اطلاق الدليل وهو غير جائز كما أن الاطلاقات تشمل ما إذا كان الحدث بعد اتمام الغسل قطعا.
والقول الثالث أنه يتم الغسل ويتوضأ للصلاة وهذا القول هو الأقوى أما وجوب الاتمام وعدم بطلان الغسل بوقوع الحدث في أثنائه فلاقتضاء استصحاب صحة الأجزاء المأتي بها - ذلك وليس لنا دليل دال على بطلان الغسل بتخلل الحدث في أثنائه.
وأما وجوب الوضوء فلما عرفت من الاطلاقات الدالة على وجوب الوضوء لمن أحدث الشاملة لما نحن فيه وما يقال من أن الجنب ما لم يفرغ عن الغسل فهو محدث وبعد الفراغ عن الغسل كما أنه يرتفع حدثه الأكبر فكذلك يرتفع حدثه الأصغر فهو ضعيف لأنه وإن كان محدثا ما لم يفرغ عن الغسل إلا أنه لا يكون بحيث لم يأت بشئ أصلا نعم لا تترتب على ما أتى به آثار الطهارة مع جواز الدخول في الصلاة وفي المسجد وجواز مس كتابة القرآن وغير ذلك نعم له أثر في الجملة إذا انضم إليه باقي الأجزاء يصير غسلا كاملا فح ما دل على وجوب الوضوء أو الغسل على من صار محدثا بالأصغر لم يتحقق امتثاله إذا أتم الغسل ولم يتوضأ لأن المفروض أنه لم يغتسل بعد الحدث بل أتى ببعض أجزاء الغسل ولم يتوضأ على الفرض.
والحاصل أن غسل بعض الأعضاء في الغسل كغسل بعض الأعضاء في الوضوء فكما أن الوضوء ما لم يفرغ منه لم تتحقق الطهارة ومع ذلك لا يجوز ايجاد الحدث في أثنائه واتمامه فكذلك الغسل إلا إذا اتبعه بالوضوء.
المسألة الثالثة لا يجوز أن يغسله غيره مع الامكان ويجوز مع الضرورة كما في الوضوء لعموم العلة المنصوصة في الوضوء ففي صحيحة عبد الله بن سليمان عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث أنه كان وجعا شديد الوجع فأصابته جنابة وهو في مكان بارد قال: فدعوت الغلمة فقلت لهم: احملوني فاغسلوني فحملوني ووضعوني على خشبات ثم صبوا علي الماء فغسلوني (1).