ثوبه في الماء الذي يستنجي به فقال: لا بأس فسكت فقال: أو تدري لم صار لا بأس به قلت:
لا والله جعلت فداك قال: إن الماء أكثر من القذر (1) ويظهر من التعليل الذي يعمم ويخصص أن علة عدم انفعال ماء الاستنجاء هو أكثرية الماء بالنسبة إلى القذر والمراد بالأكثرية ليس الأكثرية بحسب الوزن أو المساحة كما توهم وإلا يلزم عدم انفعال القليل إذا كان أكثر من القذر ولو كان القذر كثيرا بل ولو كان واردا على الماء وهذا مما لا يلزم به أحد بل الأكثرية هنا كناية عن غالبية الماء وقاهريته على النجاسة بحيث تصير مغلوبة للماء ومضمحلة فيه وعموم العلة يقتضي عدم انفعال مطلق الغسالة وهذا أيضا يؤيد ما ذكرناه في الغسالة من طهارتها في غير الغسلة المزيلة وغير الغسلة الأولى في البول.
إلا أن يخدش في استفادة العلية من هذه الرواية بأن يقال: أن التعبير (لم صار لا بأس به) لا يبعد ظهوره في الحكمة وإذا استظهر منه أن الحكمة في عدم انفعال ماء الاستنجاء أكثرية الماء بالنسبة إلى القذر لا يمكن تعدي الحكم عن مورده لأن الحكمة منحصرة في موردها لا تتعداه ولا أقل من الاحتمال فلا يمكن الاستدلال بعموم العلة مع احتمال كونها حكمة.
ومنها رواية الكاهلي عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: أمر في الطريق فيسيل علي الميزاب في أوقات أعلم أن الناس يتوضأون قال: ليس به بأس لا تسأل عنه (2) والمراد بالوضوء الاستنجاء ولكن هذه الرواية لا دلالة لها على طهارة ماء الاستنجاء لأن الظاهر من قوله (عليه السلام): لا تسأل عنه أن السائل كان شاكا في أن الماء السائل من الميزاب هل هو ماء الاستنجاء أو غيره ولكن يعلم أن هذه الأوقات أوقات استنجاء الناس فلا تدل على طهارة ماء الاستنجاء ومنها رواية الأحول عنه عليه السلام قال: قلت له: استنجي ثم يقع ثوبي فيه وأنا جنب فقال: لا بأس به (3) والظاهر أن قوله: وأنا جنب يكون المراد منه أن المحل يكون ملوثا بالمني ثم أستنجي وأغسل المني فيقع ثوبي في هذا الماء الذي استتنجيت به وغسلت موضع المني به فقال: لا بأس به.