الاجتماع التقديري دون الفعلي وظاهر الرواية هو الاحتمال الأخير فإنه المناسب لمفروض السؤال وأما إذا كان المراد الاجتماع الفعلي فلا يناسب مفروض السائل فإن السائل إنما سأل عن الدم المنتشر في الثوب لا مطلق الدم أو الدم المجتمع فجوابه بحكم الدم المجتمع جواب بشئ أجنبي عن السؤال فيصير الاستثناء عند ذلك منقطعا بخلاف ما إذا كان المراد بالاجتماع الاجتماع التقديري فإن الجواب يصير ح ملائما للسؤال.
واستدل هذا القائل أيضا بمرسلة جميل المتقدمة حيث قالا - أي الباقر والصادق عليهما السلام: لا بأس بأن يصلي الرجل في الثوب وفيه الدم متفرقا شبه النضح وإن كان قد رآه صاحبه قبل ذلك فلا بأس به ما لم يكن مجتمعا قدر الدرهم. بأن يكون المراد إذا كان مجتمعا ففيه بأس إذا كان بمقدار الدرهم وأما إذا لم يكن مجتمعا فلا بأس وإن كان بمقدار الدرهم ولكن دلالة هذه الرواية على مراد هذا البعض أضعف من دلالة الأولى بل دلالتها على ما ذكرناه في الرواية الأولى - من أن المراد بالاجتماع الاجتماع التقديري لا الفعلي - أظهر من دلالة الرواية الأولى فالأقوى ما عليه الأكثر من أنه لا فرق بين الدم المجتمع والمتفرق في الحكم.
ثم إنه استثنى من الدم الأقل من الدرهم الدماء الثلاثة - أعني دم الحيض والنفاس والاستحاضة وكذا دم النجس العين كالكلب والخنزير والكافر والميتة وكذا دم غير مأكول اللحم أما الدليل على استثناء دم الحيض - مضافا إلى دعوى الاجماع عليه من غير واحد - فرواية أبي بصير عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالا: لا تعاد الصلاة من دم لم لا تبصره إلا دم الحيض فإن قليله وكثيره في الثوب إن رآه أو لم يره سواء (1).
واستشكل في الرواية بأمرين أحدهما ضعف السند وثانيهما من جهة ضعف الدلالة فإن قولهما عليهما السلام: لا تعاد الصلاة من دم لم لا تبصره - كما يحتمل أن يكون المراد به القلة يعني لا تعاد الصلاة من الدم الذي لا يدركه الطرف لأجل قلته كذلك يحتمل أن يكون المراد منه الدم الذي لم تره قبل الصلاة أي إن كنت به جاهلا قبل الصلاة خصوصا في