والمراد بالواسع الواسع من حيث الحكم يعني أن الناس في سعة من حيث حكم ماء البئر وهذا نظير قوله عليه السلام: الناس في سعة ما لا يعلمون وتدل على طهارة ماء البئر فإن الحكم بنجاستها ضيق على الناس تنفيه هذه الرواية وقوله: لا يفسده شئ بيان لقوله واسع و أقوى مصاديق الافساد النجاسة وقد نفتها هذه الرواية وقوله: إلا أن يتغير ريحه الخ دليل على انحصار الافساد بما إذا تغير وقوله: لأن له مادة تعليل لقوله واسع أي علة سعة ماء البئر وعدم فساده بملاقاة النجس هو وجود المادة العاصمة للماء عن الانفعال وأورد على الاستدلال بالرواية أمور أحدها ما ذكره الشيخ في الاستبصار من أن المراد بأنه لا يفسده شئ فسادا لا ينتفع بشئ منه إلا بعد نزح جميعه إلا ما يغيره انتهى.
أقول: ولنعم ما قال بعض الأعاظم من أن طرح الرواية ورد علمها إلى أهلها أولى من ابداء هذا النحو من الاحتمالات العقلية التي لا يكاد يحتمل المخاطب إرادتها من الرواية خصوصا في جواب المكاتبة انتهى مع أن المعنى الذي ذكره قدس سره مع التغير كذلك فإن التغير أيضا لا يصير سببا " لفساد الماء بحيث لا ينتفع به إلا بعد نزح جميعه بل يكفي النزح إلى أن يذهب التغير فيطهر كما هو ظاهر الرواية بل صريحها، فعند ذلك يصير الاستثناء لغوا وهو غير ممكن بالنسبة إلى كلام الإمام عليه السلام مضافا إلى أن هذا المعنى الذي ذكره مناف لما هو وغيره عليه من وجوب نزح جميع ماء البئر في بعض الموارد مثل ما إذا صب في البئر خمر أو أحد الدماء الثلاثة أو مات فيها انسان فإنه (قدس سره) حكم بوجوب نزح الجميع فانحصار الافساد بالتغير لا وجه له حينئذ إلا أن يدعى بأن الحصر إضافي وهو بعيد غايته.
(الثاني) مما أورد على المكاتبة أن المراد من الافساد ليس من حيث النجاسة بل الافساد المنفي في الرواية هو الافساد من حيث القذارة الظاهرية أي الوسخ بمعنى أن ماء البئر لا يحتمل وسخا بل هو دائما نظيف لأن له مادة ولكن فيه ما لا يخفى فإن الإمام عليه السلام ليس من شأنه بيان بعض الأمور العرفية التي يعرفها العرف بل من شأنه بيان الأحكام الشرعية فإن كون ماء البئر بواسطة وجود المادة لا يحتمل القذارة الظاهرية بل وإن صار وسخا يرتفع وسخه بسبب المادة أمر واضح عند العرف ليس من شأن الإمام بيانه.
الاشكال الثالث الذي أوردوه على الرواية أن سند الرواية غير سليم فإنه وإن كان الرواة كلهم حتى محمد بن إسماعيل بن بزيع موثقين إلا أن ابن بزيع قال: كتبت إلى رجل