عقلي بعدم وجود الماء ويتمكن من مخاطبته بطلب الماء في هذه الحالة لأنه لغو فإنه لا ينبعث بذلك الخطاب لأنه عالم بعدم وجود الماء فيشمله قوله تعالى: فلم تجدوا ماء فتيمموا وليس المراد من عدم الوجدان عدم الوجود الواقعي بل المراد أعم منه ومن الاعتقادي ويدلك على هذا أنه إذا طلب الماء بالغلوة والغلوتين فلم يجده وصلى بالتيمم صحت صلاته وإن كان الماء في نفس الأمر موجودا.
وكذا إذا كان في غير السفر أي كان في الحضر وطلب الماء إلى أن يئس من وجدانه فإنه إن صلى وبعد الصلاة بالتيمم انكشف أن الماء كان موجودا فإن صلاته تكون صحيحة على المشهور.
ولكن لا يخفى أنه وإن لم يمكن للشارع في هذه الحالة مخاطبته بطلب الماء ولكن الخطاب بحسب الواقع كان موجودا والمكلف بواسطة اعتقاده بعدم وجود الماء كان غير ملتفت إلى ذلك الخطاب وبعد زوال اعتقاده يعلم به والحاصل أنه كان اعتقاد بوجوب التيمم عليه اعتقادا تخييليا ليس له واقعية فبعد تبين الخلاف يظهر له أنه لم يكن مأمورا بالتيمم بحسب الواقع بل كان مأمورا بالطهارة المائية فلا بد له بعد كشف الخلاف من الإعادة أو القضاء.
وأما إذا علم بوجود الماء إن طلبه ومع ذلك صلى من غير طلب فإن صلاته باطلة من غير ترديد لأنه كان بحسب الواقع واجد الماء فلم يكن له مسوغ للتيمم.
وأما إذا كان شاكا بأن احتمل وجود الماء لو طلبه ومع ذلك صلى بدون الطلب فإن كانت الصلاة في ضيق الوقت صحت صلاته وكذا في الفرض السابق - أعني ما إذا كان عالما بوجود الماء لو طلبه فإن الذي قلناه من بطلان صلاته إنما هو إذا كانت في سعة الوقت وأما في ضيقه فالظاهر صحة صلاته مطلقا أي سواء ترك الطلب عمدا أو سهوا وسواء علم بوجود الماء لو طلبه أو علم بعدم وجوده أو شك في ذلك.
وأما إذا كانت الصلاة في سعة الوقت فالظاهر بطلانها وإن انكشف بعد الصلاة عدم وجود الماء لو طلبه لأنه كان مأمورا بالطلب وكان الطلب موضوعا شرعا لوجود الماء أو عدمه فمع تركه كان شاكا في أن الصلاة مع التيمم كانت مأمورا بها أولا فلا يمكنه قصد التقرب بالشئ الذي يشك في كونه مأمورا به نعم في صورة مصادفة صلاته لعدم وجدان الماء