على وجوب غسل جميع البدن في الغسل ومن الأخبار الدالة على وجوب تقديم غسل الرأس خبر حريز الوارد في الوضوء قال: قلت: فإن جف الأول قبل أن أغسل الذي يليه قال: جف أو لم يجف اغسل ما بقي قلت: وكذلك غسل الجنابة قال: هو بتلك المنزلة وابدأ بالرأس ثم أفض على سائر جسدك قلت: وإن كان بعض يوم قال: نعم (1) وهذه الرواية تدل على وجوب التريب من جهتين الأولى قوله: هو بتلك المنزلة يعني كما أن الوضوء لا بد أن يغسل الأول من الأعضاء فيه ثم يغسل ما يليه فكذلك غسل الجنابة الثانية قوله وابدأ بالرأس فإنه أقوى دلالة على وجوب الترتيب بين الرأس وسائر الجسد من لفظ ثم ومنها حسنة زرارة قال: من اغتسل من جنابة فلم يغسل رأسه ثم بدا له أن يغسل رأسه لم يجد بدا من إعادة الغسل (2).
وهذه الرواية أقوى دلالة من جميع الروايات على الترتيب بين الرأس والبدن ولكن في دلالة جميع هذه الأخبار على وجوب الترتيب نظر أما رواية زرارة ومحمد بن مسلم و سماعة فلان لفظ ثم وإن كان يفيد الترتيب إلا أنه للترتيب مع التراخي وحيث أنه لا يعتبر التراخي في غسل أعضاء الغسل فلا بد إما حمله على وجوب الترتيب بدون التراخي وهو خلاف معناه الموضوع له أو على عدم إفادته للترتيب كما أن من المعلوم عدم إفادة ثم هنا للتراخي إلا أن يقال: إن ثم استعملت في معناها وهو التريب مع التراخي إلا إنا علمنا من الخارج أن التراخي ليس واجبا بل يكون جائزا وعلى فرض إفادتها للترتيب فلا بد من حملها على الاستحباب جمعا بينها وبين المطلقات الدالة باطلاقها على عدم وجوب الترتيب لأنها في مقام البيان فلا يمكن تقييدها بهذه الأخبار.
وأما رواية حريز فمضافا إلى عدم امكان التزام مضمونها في باب الوضوء - يظهر منها أن مورد السؤال هو الموالاة لا التريب فأجاب (عليه السلام) هو بتلك المنزلة أي كما أن الوضوء إذا جف أو لم يجف السابق من الأعضاء لا يضر في صحته فكذا الغسل يعني لا يعتبر الموالاة في الغسل كما يوضحه ذيل الرواية أعني قوله: قلت: وإن كان بعض يوم قال: نعم وأما قوله في نفس هذه الرواية أعني رواية حريز: وابدأ بالرأس فيمكن حمله على الاستحباب جمعا بينهما وبين