بدون الحل وهو غير ممكن غالبا ولا أقل من أن يكون معرضا بعدم وصول الماء أو للشك في الوصول وإما لأجل عدم وجوب غسل الشعر وهو المطلوب وإما حسنة الجميل وصحيحة محمد ابن مسلم المتقدمتان فهما ليستا على خلاف هاتين الروايتين لأن الأمر بمبالغة غسل رؤوسهن إنما هو لأجل وصول الماء إلى البشرة لا لأجل وصوله إلى أجزاء الشعر كما لا يخفى على من تأمل فيها غاية التأمل.
وأما رواية حجر بن زائدة والرواية المروية عن النبي صلى الله عليه وآله المتقدمتان فالانصاف أنهما تدلان على وجوب غسل الشعر ولكن لا تدلان على الوجوب الذاتي النفسي فيمكن أن يكون الوجوب غيريا أو تبعيا بمعنى أن وجوب غسل الشعر لأجل وجوب ايصال الماء إلى البشرة وليس لوجوب غسل الشعر مصلحة ذاتية فح لو وصل الماء إلى البشرة من دون وصوله إلى الشعر لكفى ولا ينافيه اثبات العقاب على تركه في قوله (صلى الله عليه وآله) من ترك شعرة من الجنابة فهو في النار لأن ترك غسلها يؤدي غالبا إلى ترك ذي المقدمة فالعقاب في الحقيقة على ترك ذي المقدمة أي ايصال الماء إلى البشرة.
واسناد العقاب إلى ترك المقدمة صحيح عند أهل المحاورة مثل أن يقول السيد لعبده: اذهب إلى السوق واشتر اللحم وإن لم تذهب إلى السوق عاقبتك مع أن العقاب في الحقيقة على ترك شراء اللحم وأما الوجوب التبعي فالالتزام به في الشعرات الصغار لا بأس به لكون غسلها بنظر العرف هو غسل الجسد لا غسل شئ آخر ما وراء الجسد وأما الشعرات الطوال فهي بنظر العرف شئ لا يشمله الجسد ولا تكون تابعة له بل هي شئ آخر فح الأقوى عدم وجوب غسل الشعرات الطوال ووجوب غسل الشعرات القصار التي تكون بنظر العرف تابعة للجسد ثم إنه يجب غسل ظاهر البدن دون الباطن مثل باطن العينين وباطن الأذنين وباطن الأنفين وباطن الفم لدلالة كثير من الأخبار عليه.
فمنها مرسلة أبي يحيى الواسطي عمن حدثه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الجنب يتمضمض قال: لا إنما يجنب الظاهر ولا يجنب الباطن والفم من الباطن (1) قوله (عليه السلام): لا لنفي الوجوب دون الجواز أو الاستحباب لأن المضمضة مستحبة للجنب ويوضح ذلك الرواية الآتية.