ومنها روايته عنه أيضا عليه السلام أنه قال في غسل الجنابة إن شئت أن تتمضمض وتستنشق فافعل وليس بواجب أن الغسل على ما ظهر لا على ما بطن (1) وكثير من الأخبار بهذا المضمون.
الثالث من الواجبات الترتيب بين أعضاء الغسل أما الترتيب بين الرأس والطرفين فوجوبه اجماعي على ما حكي إلا من الصدوقين وكلامهما المحكي ليس صريحا في الخلاف أما الدليل على وجوبه فالآية أعني قوله تعالى: ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا - ليست دالة على الوجوب لأن الاغتسال إن كان من الغسل بالضم فيمكن أن يقال: إنها ليست بصدد بيان كيفية الاغتسال فليس فيها اطلاق بالنسبة إلى الترتيب.
وأما إذا كان من الغسل بالفتح ففيها اطلاق لأن الغسل مفهومه واضح عند العرف وهو غسل البدن ومفهومه ليس مشروطا بشرط لدى العرف ولم يثبت بحسب اللغة مجئ الاغتسال من الغسل بالضم فيجوز الأخذ باطلاق الاغتسال لنفي وجوب الترتيب.
وأما الأخبار فكثيرة فمنها مطلقة مع أنها في مقام البيان كرواية زرارة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن غسل الجنابة قال: تبدأ فتغسل كفيك ثم تفرغ بيمينك على شمالك فتغسل فرجك ومرافقك ثم تمضمض واستنشق ثم تغسل رأسك من قرنك إلى قدمك ليس قبله ولا بعده وضوء وكل شئ أمسسته الماء فقد أنقيته ولو أن رجلا جنبا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك وإن لم يدلك جسده (2) وهذه الرواية مع أنه (عليه السلام) ذكر فيها مستحبات الغسل - كما ترى - لا تعرض فيها للترتيب ولا يمكن أن يقال: إنها ليست في مقام البيان وكيف لا وقد ذكر (عليه السلام) فيها أجزائه المستحبة وحملها على الغسل الارتماسي أبعد فإن قوله (عليه السلام) ولو أن رجلا ارتمس الخ ظاهر بل كاد أن يكون صريحا في الغسل الارتماسي وهو ظاهر في مغايرته للجملة الأولى أعني قوله (عليه السلام) ثم تغسل من قرنك إلى قدمك فإنه ظاهر في الغسل الترتيبي خصوصا مع ذيله وهو قوله: كل شئ أمسسته الماء فقد أنقيته فإن امساس الماء يصدق على مطلق الامساس وإن لم يحصل الارتماس.
ومثل رواية أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن غسل الجنابة