فيها الغيبة المحرمة لا يوجب التقييد أو الانصراف، وأما قوله: فإن القائل (الخ) إنما هو بصدد بيان أن طبيعة المغتاب والمستمع شريكتان في الإثم، لا أن كل مستمع شريك مع من اغتاب عنده حتى يقال: إن المفروض جواز اغتياب المغتاب ومعه لا إثم عليه حتى يشترك السامع معه فتكون هذه الفقرة قاصرة عن اثبات الحرمة في الفرض لا دالة على جوازها.
وإن شئت قلت: إن المراد بقوله ذلك دفع توهم أن السامع لا يكون مغتابا فلا إثم عليه فقال: إن الإثم كما هو ثابت للمغتاب ثابت للسامع أيضا فهما شريكان في الإثم، إلا أن يناقش ويقال: إن المتفاهم من صدرها وذيلها والتفريع المذكور أنها متعرضة للغيبة المحرمة ولا اطلاق لها يشمل المحللة وقوله: إن القائل (الخ) فيه احتمالان أحدهما ما ذكر، وثانيهما أن كل مغتاب شريك مع يستمع غيبته في الإثم، ولا ينافي ذلك تعلق الحكم بالطبايع، لأن من يستمع غيبة المغتاب أيضا من الطبايع، ثم على فرض أن تكون الرواية بصدد دفع التوهم المتقدم لا اطلاق فيها، فإنها حينئذ بصدد بيان ذلك، لا حكم الموضوع حتى يكون لها اطلاق.
ومنها ما عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: الغيبة كفر والمستمع لها والراضي بها مشرك (1) بدعوى اطلاق المستمع للغيبة المحللة واختصاص الراضي بها بالغيبة المحرمة لقيام القرينة، ولم تقم في المستمع، إلا أن يقال: إن عطف الراضي بها على المستمع لها وحمل محمول واحد عليهما قرينة على وحدة المراد منها. والانصاف عدم اطلاق في الروايات فإنها بين مهملة ومنصرفة إلى المحرمة، وأما النبوي المتقدم فقد عرفت أنه محتمل لمعان، فعلى بعضها يدل على جواز الاستماع للغيبة المحللة، وعلى بعضها يدل على عدم الجواز، وعلى بعضها لا يدل على شئ منهما.
فإن قلنا: بأن المغتابين على صيغة الجمع وقلنا: بأن الظاهر منه عدم تنزيل المستمع منزلة غيره بل تنزيل استماعه منزلة تكلمه كما لا يبعد، أو قلنا: بأنه على صيغة التثنية لكن جعل السامع عدلا للمغتاب،. والعدلية باعتبار أن استماعه بمنزلة تكلمه أو