الله عز وجل في كتابه: بل نقذف (الخ)، فظهر أن الآيات الثلاث اخبار عن تنزهه تعالى عن اللعب واللهو وأنه تعالى يقذف الحق والحجج الدالة عليه على الباطل فيدمغه، فلا يستفاد منها بحسب ظاهرها حرمة الغناء ولا اللهو والباطل، مضافا إلى أن اللعب واللهو والباطل عناوين مختلفة لعل بينها عموما من وجه ومعه لا يمكن الاستنتاج القياسي كما لا يخفى، وعليه يمكن أن يكون الاستشهاد لمجرد مناسبة بين تنزيه الله تعالى عن عمل اللهو والباطل وتنزيه رسول الله صلى الله عليه وآله عن ترخيص الغناء، فلا يصح الاستدلال بها على حرمة مطلق اللهو.
نعم فيها اشعار على عدم ترخيصه مطلقه، أو أن الغناء غير مرخص فيه لكونه لهوا، لكنه ليس بحيث يمكن الاستناد إليه على حرمة مطلقة، لاحتمال أن يراد بها أن الذي يبطل الباطل لا يرخص الغناء وما هو بمنزلته، وليس كل لهو وباطل كذلك وأما رواية ابن المغيرة (1) الدالة على أن كل لهو المؤمن باطل (الخ) فهي مع الغض عن سندها من أدل الدليل على أن مطلق الباطل ليس بحرام، لأنها دلت بواسطة استثناء المذكورات أن ما يترتب عليها الأغراض العقلائية كتأديب الفرس: لهو باطل ما سوى الثلاثة، والضرورة قائمة بعدم حرمة أمثالها.
ثم إنه لا بد من حملها على أن كل لهو المؤمن باطل حكما، وإلا فما له غاية عقلائية ليس بباطل موضوعا، ولا يمكن الحكم بالحرمة لما عرفت فيكشف منها أن الباطل منه ما يكون محرما، ومنه غير محرم بل مكروه، وأما ما ذكرناه من دلالة الروايات على مفروغية حرمة الباطل ولهذا استشهد لحرمة الشطرنج و غيره من أنحاء القمار والغناء بكونها باطلا فبعد فرض التسليم لا بد من حملها على معهودية حرمة قسم خاص من الباطل، وإلا فمطلقه لم يكن معهودا حرمتها بل كثير منه معهود حليته بلا شبهة، مضافا إلى احتمال أن تكون الروايات الواردة في أن الشطرنج والسدر ونحوهما باطل: أشار إلى انسلاكها في قوله تعالى: لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل، كما يشعر به قوله: لا خير فيه، وتشهد به جملة