نعم في المنجد. طرب اهتز واضطرب فرحا أو حزنا، ولعل مراده الاهتزاز والاضطراب في الروح كما عن الغزالي تفسيره بالصوت الموزون المفهم المحرك للقلب وأراد بالأول الخفة الحاصلة من السرور، وبالثاني الخفة الحاصلة من الحزن فيوافق غيره.
ويرد عليه أيضا أن الظاهر منه في مقدمته وتحديده أن السبب الوحيد للحسن في المركبات هو التناسب وأن الصوت بتناسبه موجب للطرب أو له شأنيته، مع أنه مضافا إلى منافاته لما قال: إن من الغناء الصوت المتناسب وإن كان من أبح ردئ الصوت ولم يطرب بل أوجب عكس الطرب ثم تمثل بقول الشاعر: فإن صريح كلامه في الحد أن الغناء هو ما يكون مطربا، وصريحه ههنا أن من الغناء ما لم يطرب بل أوجب العكس، (وتوهم) أن المراد بالثاني عدم حصوله بالفعل وإن كان له شأنيته (فاسد) لأن صوت أبح ردئ الصوت لا شأنية له لايجاد الطرب بالحد المذكور غالبا بل دائما، وأما صيرورته أحيانا موجبا للأضحوكة والفرح فلا يوجب أن يكون مطربا كالغناء، لأن الطرب هو الخفة والحال الخاص الذي يحصل بالتغني لا مطلق الفرح، مضافا إلى أنه لا يعتبر في الغناء مطلقا فعلية الطرب وعلى التوهم المتقدم يلزم اعتبار الفعلية في نوع منه: أن كون السبب الوحيد في المركبات هو التناسب ممنوع، ففي المقام لو لم يكن للصوت رقة ورخامة ولطف وصفاء ولو في الجملة لا يصير بالتناسب حسنا كصوت القرشي المنكر الذي يدعو الله السامع بالطرش.
وبالجملة الصوت المنكر الردئ لا يكون غناء عرفا وإن كان صائته من مهرة الفن وأوجده بكمال التناسب، والظاهر أن تسمية القائل صوت القرشي غناء من باب التهكم والاستهزاء كتسمية البخيل بحاتم والجبان بالأسد، بل لو كان صوت من أبح ردئ الصوت مع تناسب يعلم به بعض المطربين والمهرة ويكون موجبا للطرب والخفة: لا يكون غناء فإن بعض المطربين على ما حكى يكون بكيفية صوته مع ردائته موجبا لتفريح الحضار وحصول للخفة لهم بالحد الذي ذكرا أكثر من المغني الذي