القول الباطل، مضافا إلى امكان أن يقال: إن قول الزور ليس مطلق القول الباطل بالمعنى المتقدم بل باطل خاص عرفا كالكذب والافتراء والسخرية ونحوها فلا يقال عرفا لمطلق القول الذي لا دخالة له في المعاد والمعاش أنه قول الزور بل لعله لا يكون باطلا ويؤيده تفسير الآية بالأقوال المحرمة كالكذب وتلبية المشركين لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك وعن رسول الله صلى الله عليه وآله (1) أنه قام خطيبا فقال: يا أيها الناس عدلت شهادة الزور بالشرك بالله ثم قرأ فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور، وهو مؤيد لما ذكرناه من السياق.
فتحصل من جميع ما تقدم أن الآية الكريمة بضم الروايات المفسرة: تدل على حرمة الغناء بذاته إذا كان مقرونا بقول، وبالغاء الخصوصية عرفا يستفاد منها حرمته مطلقا، ولو وجد في مهمل لا يقال له قول أو وجد في الصوت بلا كلام، بل يمكن أن يقال: إن الغناء المتحقق في الكلام لا يقوم جميع قرعاته ورجعاته بالكلام بل يقع كثير منها في خلاله وقبله وبعده، ولا شبهة في أن الصوت الكذائي بمطلق وجوده غناء، فتدل الروايات على حرمته ولو بتلك القطعات الغير القائمة بالألفاظ، ولا شبهة في عدم الفرق بين تلك القطعات المحرمة والصوت المتحقق بلا كلام إن كان غناء، ومما ذكرناه يظهر الكلام في طايفة أخرى من الروايات وهي المفسرة لقوله تعالى ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين (2) كرواية محمد بن مسلم (3) عن أبي جعفر عليه السلام ولا يبعد أن تكون موثقة قال: سمعته يقول: الغناء مما وعد الله عليه النار، وتلا هذه الآية ومن الناس (الخ) وقريب منها روايات أخر، ووجه دخوله في لهو الحديث هو الوجه في دخوله