وقد يقال إن أظهر ما في الباب هو رواية الحسين بن زيد (1) عن الصادق عليه السلام عن آبائه في حديث المناهي وفيها، ونهى أن ينقش شئ من الحيوان على الخاتم، و فيه مضافا إلى ضعف السند وعدم ذكر ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وآله في تلك النواهي بل نقلت نواهيه بنحو الاجمال، وهي مشتملة على المكروهات وغيرها فلا تدل على التحريم لا لأن السياق مانع عن استفادته، حتى يقال مضافا إلى منع مانعيته إن نواهيه صلى الله عليه وآله كانت متفرقة وإنما جمعها أبو عبد الله عليه السلام في رواية واحدة، بل لأن أبا عبد الله عليه السلام لم ينقل ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وآله وليس قوله: نهى عن كذا وكذا إلا اخبار على سبيل الاجمال، ومن والواضح أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يقل في تلك الموارد إني أنهاكم عن كذا وأنهاكم عن كذا إلى آخرها، بل كان له صلى الله عليه وآله نواهي مختلفة بألفاظ مختلفة بعضها على سبيل التحريم وبعضها على سبيل التنزيه حكاها أبو عبد الله عليه السلام من غير ذكر ألفاظه، فلا دلالة فيها على التحريم إلا في بعض فقراتها: إن المنهي عنه هو النقش على الخاتم وهو أمر آخر غير التصوير الذي نحن بصدده، لامكان أن يكون النقش عليه محرما أو مكروها، لا لحرمة التصوير بل لمبغوضية انتقاشه نظير النهي عن زخرفة المساجد مثلا أو انشاد الشعر فيها.
وبهذا يظهر الكلام في رواية أبي بصير (2) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أتاني جبرئيل فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام وينهى عن تزويق البيوت قال أبو بصير فقلت: وما تزويق البيوت فقال: تصاوير التماثيل ورواية جراح المدائني (3) عنه عليه السلام قال لا تبنوا على القبور ولا تصوروا سقوف البيوت فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كره ذلك فإن النهي عن تزويق البيوت وتصوير السقوف لا يدل على حرمة التصوير كما أن النهي عن البناء على القبور لا يدل على حرمة البناء أو كراهته وهذا واضح.