نعم بناء على أن المستند فحوى أدلة الأمر بالمعروف والآية الكريمة:
لا يستفاد منهما حرمة الاستيجار والإجارة بعنوانهما بل المحرم ما ينطبق عليهما في الخارج بخلاف ما لو كان المستند الوجه الأول ورواية التحف، وببعض ما تقدم يمكن الاستيناس بحرمة الثمن أيضا، ويدل عليه قوله: إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه، بتقريب أن لا خصوصية لعنوان الثمن في نظر العرف بل الظاهر منه أن تحريم الشئ لا يلائم مع تحليل ما يقابله سواء صدق عليه عنوان الثمن أم كان عنوانه أجرا وأجرة ونحوهما، وقد تقدم أن الرواية وإن كانت ضعيفة لكن لا يبعد استنقاذ مضمونها من سائر الروايات في الأبواب المتفرقة.
ويمكن الاستدلال على بطلانها ببعض ما تقدم في بعض المسائل المتقدمة بأن يقال: إن المحرم ليس مالا في نظر الشارع، ولهذا لو منع شخص عن تغني جارية مغنية أو العبد المغني: لا يكون ضامنا بالنسبة إلى تلك المنفعة المحرمة بلا اشكال وإن كانا أجيرين لذلك، وما لا يكون ما لا في محيط التشريع لا تكون المعاملة عليه معاملة.
وإن شئت قلت إن سلب المالية عن شئ واسقاطها دليل على ردع المعاملة به، ويمكن الاستدلال عليه بوجه آخر وهو أن مقتضى ذات المعاملة لدى العقلاء امكان التسليم والتسلم، ومع منع الشارع عن تسليم المنفعة المحرمة وتسلمها:
لا يعقل أن تكون المعاملة نافذة عنده، فمنع التسليم والتسلم دليل على ردع المعاملة فتقع باطلة، والاشكال المتقدم في بيع العنب ممن يعلم أنه يجعله خمرا: غير وارد في المقام بما قررناه، لأنه هناك لم يكن تسليم طرف المعاوضة بذاته محرما بل المحرم عناوين أخر منطبقة عليه وكان للبايع أن يقول: إني لا أمتنع عن التسليم بشرط عدم جعله خمرا، فالتقصير متوجه إلى المشتري ولم يحرم الشارع تسليم العنب المقابل في المعاوضة، بخلاف المقام فإن تسليم المنفعة التي مقابلة الثمن ومورد الإجارة ممنوع شرعا، وبوجه آخر وهو أن الآية الكريمة أعني (لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) وإن كان الموضوع فيها البطلان العرفي والعقلائي لا الشرعي