فنقول يمكن الاستدلال على حرمة نفس الإجارة بقبح الاستيجار والإيجار على معصية الله تبارك وتعالى، فكما أن نفس الاستيجار والإيجار للقبايح العقلية: قبيحة بحكم العقل والعقلاء كإيجار شخص والعياذ بالله نفسه أو من يتعلق به من نواميسه لارتكاب الفاحشة، كذلك هما قبيحتان لمعصية الله التي هي أيضا من القبايح العقلية، فالمدعى ادراك العقل قبح عنوان المعاملة على القبايح، وأنها واسطة لثبوت القبح لنفس المعاملة. ودعوى أن القبح فاعلي لا فعلي نظير التجري (غير وجيهة) ضرورة أن عنوان إجارة النواميس قبيح عقلا ولا ينافي ذلك كشفها عن دنائة الفاعل وسوء سريرته وفقدان الشرف والعز.
ويمكن الاستدلال على حرمة الاستيجار عليها بفحوى أدلة وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأن يقال: إن المستفاد عرفا من تلك الأدلة أو من فحواها: أن الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف محرمان، بل مطلق ما يوجب الاغراء على المحرم والترغيب إليه والتشويق إليه: محرم سواء ارتكب الطرف أم لا، ولا ريب في أن استيجار المغنية للتغني والمصور للتصوير المحرم. دعوة لهما إلى اتيان الحرام وتشويق إليه واغراء عليه، بل قبول الإجارة أيضا نحو ترغيب للمستأجر إليه مضافا إلى امكان الاستفادة من قوله تعالى (1) (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون؟ بالمنكر وينهون عن المعروف) بدعوى أن العنوانين ليس لصرف معرفيتهم بل الآية الكريمة في مقام تعييرهم وتقريعهم وذكر ما هو قبيح عقلا ومحرم شرعا من أعمالهم.
وبدعوى أن لا خصوصية لعنوان الأمر بالمنكر بل المراد أعم مما يفيد فائدته من الترغيب والتشويق إليه، وبدعوى أنه ليس المراد من الأمر بالمنكر ما يرجع إلى رد قول رسول الله صلى الله عليه وآله وإلى مخالفته في قوانينه، بل الظاهر أن الأمر بالمنكر بالمحل الشايع والنهي عن المعروف كذلك، من صفات المنافقين ويكون محرما سواء كان الغرض رد قول رسول الله صلى الله عليه وآله أم لا (تأمل) وتؤيده رواية التحف