بهذا اللحاظ أكلا بالباطل، لتحكيم دليل اسقاط المالية عنها على الآية الكريمة بوجه أشرنا إليه وكذا لو كانت لها قيمة في غاية القلة كدرهم مع قطع النظر عن صفة التغني فبيعت موصوفة بمئة دينار: يكون أخذ المال بإزائها بلحاظ وصفها أكلا له بالباطل، وتكون المعاملة في محيط الشرع سفهية، فكذلك لو بيعت موصوفة مع لحاظ مقدار من المالية لصفتها وأخذه بلحاظها مع سقوطها عن المالية في لحاظ الشارع فإن أكل المال في مقابل شئ بلحاظ ما لا مالية له أكل له بالباطل، والأوجه بالنظر بحسب القواعد وأن كان الصحة لما تقدم في الشروط لكنه غير خال من المناقشة و التأمل.
هذا حال ما يلاحظ بإزاء الصفة مال، وأما مع عدم لحاظه فمقتضى القواعد صحتها لاطلاق الأدلة وعمومها وعدم وجه للفساد، ومجرد توصيف المبيع بصفة يترتب عليها الحرام: لا يوجب بطلان المعاملة، ولو فرض صدق الإعانة على الإثم عليها في بعض الأحيان: لا يقتضي ذلك بطلانها كما يأتي الكلام فيه، وبما ذكرناه يظهر التأمل في كلام شيخنا الأعظم (1) حيث نفى الاشكال عما لو لوحظ من حيث أنه صفة كمال قد تصرف إلى المحلل فيزيد لأجلها الثمن وكانت المنفعة المحللة لتلك الصفة مما يعتد بها، واختار الصحة أيضا فيما كانت المنفعة المحللة نادرة وزادت القيمة لأجل صفة الكمال التي قد تصرف إلى المحلل، وذلك لأن زيادة القيمة ليست لأجل صفة الكمال بما هي كذلك، بل تفاوت القيم في الأشياء بلحاظ الانتفاع بها، فصفة الكمال المنتفع بها توجب زيادة القيمة بمقدار مرغوبية الانتفاع، و لو فرض بذل بعض الأشخاص أحيانا ما لا بلحاظ نفس صفة الكمال: فهو لا محالة لأجل بعض أغراض أخر لا بواسطة مالية الصفة بذاتها من غير جهة انتفاع وابراز، فعليه أن بذل المال إن كان للصفة بلحاظ ابرازها المحلل وتتقدر القيمة بلحاظها بتلك الحيثية: فلا اشكال في صحة المعاملة بحسب القواعد، كانت المنفعة نادرة أم لا.