لهيئتها وصورتها الصنمية بما أنها من الآثار القديمة، وقد تباع لغرض كسرها، و هو تارة يرجع إلى المشتري كمن أراد أن يشتهر بين الناس بأنه كاسر الأصنام، أو أراد الثواب الأخروي، وأخرى إلى البايع كمن عجز عن كسرها أو كان له مؤنة أراد تحميلها على المشتري إلى غيرها من الصور.
لا ينبغي الاشكال في حرمة بيعها وبطلانه في الصور التي يترتب عليها الحرام لاستقلال العقل بقبح ما يترتب عليه عبادة الأوثان ومبغوضيته، بل قبح تنفيذ البيع وايجاب الوفاء بالعقد المترتب عليه عبادة غير الله تعالى، بل لو ادعى أحد القطع بأن الشارع الأقدس الذي لا يرضى ببيع الخمر وشرائها وعصرها ولعن بايعها ومشتريها و حرم ثمنها وجعله سحتا: لا يرضى بذلك في الصنم ولا يرضى ببيعه وشرائه ونحوهما، بل يستفاد من الأدلة أن تحريم ثمن الخمر وسائر المسكرات وتحريم بيعها وشرائها:
للفساد المترتب عليها، ومعلوم أن الفساد المترتب على الأوثان وبيعها وشرائها:
أم جميع المفاسد، وليس وراء عبادان قرية، بل يظهر من الروايات المنقولة عن رسول الله صلى الله عليه وآله (1) وأبي جعفر عليه السلام (2) وأبي عبد الله عليه السلام (3) مستفيضة أن مدمن الخمر كعابد وثن: أن عبادته شر منه يترتب عليها فوق ما يترتب عليه فكيف يمكن ذلك التشديد في الخمر لقلع الفساد دون الأوثان، مضافا إلى دلالة الروايات العامة المتقدمة كرواية التحف وغيرها على بعض المقصود، واشعار بعض ما وردت في الخمر (4) كقوله عليه السلام: إن الذي حرم شربها حرم ثمنها: على بعض، وخصوص صحيحة ابن أذينة (5) قال: كتبت إلى أبي عبد الله عليه السلام أسأله عن رجل له خشب فباعه ممن يتخذه برابط؟ فقال: لا بأس به، وعن رجل له خشب فباعه ممن يتخذ صلبانا قال: لا.
ورواية عمر وبن حريث (6) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التوت أبيعه يصنع للصليب والصنم؟ قال: لا، يدل على بعضه.