والمالية الساقطة شرعا لا تصلح للمبادلة، فيكون دليل اسقاطها حاكما على أدلة تنفيذ البيع بالخراج المعاملة عن موضوع أدلته وادخالها في أكل المال بالباطل، ولك أن تجعل هذا الأخير وجها ثالثا للبطلان، وهو الاستدلال بالآية الكريمة بعد تحكيم ما دلت على سقوط المالية الآتية من قبل المنفعة المحرمة على الآية، صدرا وذيلا كما أشرنا إليه.
ولا يعتبر في الحكومة أن يؤخذ في الدليل الحاكم عين العنوان الذي أخذ في المحكوم، فكما أن قوله الخمر ليست بمال حاكم على الآية اخراجا وادخالا، كذلك ما دلت على اهراقها واتلافها بلا ضمان الظاهر منها اسقاط ماليتها حاكمة عليها، بل لا يبعد تحكيم الدليل اللبي على الدليل اللفظي، فإذا قام الاجماع على عدم مالية الخمر يكون منقحا لموضوع أكل المال بالباطل، فإن أكل الثمن في مقابل ما ليس بمال أكل له بالباطل ومخرجا عن التجارة تعبدا ولو لم يطلق على مثله الحكومة كما قويناه في الأصول، فلا مشاحة فيه بعد كون الانتاج واحدا.
وهنا تقريب رابع للبطلان بأن يقال: إن الثمن واقع في مقابل العنب بشرط الانتفاع الخاص، وهذا الانتفاع لم يحصل للمشتري فيكون المال المأخوذ بلحاظه أو بلحاظ المالية الآتية من قبله: مأخوذا بلا حصول العوض، ومثله ليس بمعاملة لأنها متقومة بتبادل الانتقالين ومع فقده لا تتحقق (تأمل) وقد ظهر مما ذكران القول بالبطلان هاهنا غير مبني على القول بمفسدية الشرط الفاسد، ولهذا قلنا بالبطلان ولو مع شرط عدم الاستفادة بالمحلل، والسكوت عن الاستفادة بالمحرم فإنه شرط سائغ لكن يبطل البيع لا لفساد الشرط بل للوجوه المتقدمة، وتؤيده الروايتان الواردتان في النهي عن بيع الخشب ممن يتخذه صلبانا: والتوت ممن يصنع الصليب أو الصنم (1) بل وما وردت في لعن رسول الله صلى الله عليه وآله الخمر وغارسها وحارسها وبايعها (الخ) (2) المستفاد منها أن بايع العنب للخمر