بطلان المعاملة وسحتية الثمن فيها، على اشكال ناشئ من الاشكال في جريان الاستصحاب في الأحكام المستكشفة عن حكم العقل، لا لما ذكره شيخنا الأعظم، فإنا قد فرغنا عن تصوير جريانها ودفع اشكاله، بل لما ذكرناه في محله من عدم جريان استصحاب الحكم الجزئي، لأن الحكم المستكشف من مناط عقلي لا يمكن أوسعيته عن موضوعه ومناطه، ولا استصحاب الكلي لأن الجامع بين الحكمين انتزاعي عقلي لا حكم شرعي، ولا موضوع ذو حكم كذلك، والتفصيل يطلب من مظانه، وبهذا يستشكل جريانه في بعض صور أخر كما إذا وجد صنم يعلم بأنه كان معبودا في عصر الاسلام ثم انقرض عبدته ولا يحتمل عودهم، فإن الأدلة كما مرت قاصرة عن اثبات الأحكام لها لو بيعت لغرض حفظ العتيقة وقد عرفت حال الاستصحاب.
إلا أن يقال: إن تلك الأحكام سيما وجوب الكسر وسلب المالية غير مستكشفة من حكم العقل محضا حتى يأتي فيها ما ذكر بل حكمه من مؤيدات ثبوت أحكامها شرعا. والأدلة الشرعية نحو الاجماع والأخبار المتفرقة في الأبواب: غير قاصرة عن اثباتها ومعه يمكن ثبوت تلك الأحكام بمناطات أعم مما أدركها العقل ومعه يجري الاستصحاب، والمسألة تحتاج إلى مزيد غور.
ثم إن الاستصحابات المشار إليها إنما تجري لو أحرز تعلق الأحكام بصنم ولو من باب التطبيق وشك في بقائها، وأما إذا احتمل عدم التعلق فلا، وذلك مثل صنم يحتمل صنعته بعد انقراض عابديه لأغراض أخر، بل لا يجري فيما إذا علم كونه مصنوعا في أعصار قبل الاسلام مع انقراض عبدته في تلك الأعصار ولو علم بعبادتهم له، لعدم جريان استصحاب أحكام الشرايع السابقة بل يمكن منع جريان الاستصحابات المتقدمة بأن يقال: إن حرمة البيع غير ثابتة للصنم رأسا في صورة بيعه للاخراج عن يد عابديه، وفيما لا يترتب عليه الحرام فلا قضية متيقنة حتى تستصحب، وكذا حال سائر العناوين المتقدمة حتى وجوب الكسر وبالجملة، ليس الشك في بقاء الأحكام المذكورة، فتحصل مما ذكر أن الأشبه بالقواعد عدم المنع عن البيع في الصور الأخيرة سيما مثل ما خرج من حفريات