الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٤ - الصفحة ٥١٤
والسادس العقل الذي يذكر في العلم الإلهي وما بعد الطبيعة وقد مر بيان بعض هذه المعاني.
ومنها الحكمة وهي أيضا تطلق على معان فتارة يطلق اسمها لكل علم حسن وعمل صالح وهو بالعلم العملي أخص منه بالعلم النظري (1) وتارة تطلق على نفس العمل في كثير من الاستعمالات وفيها يقال احكم العمل احكاما إذا أتقنه و حكم بهذا حكما (2) والحكمة من الله تعالى خلق ما فيه منفعه العباد ورعاية مصالحهم في الحال أو في المال ومن العباد أيضا كذلك ثم قد حدت الحكمة بأقوال مختلفة.
فقيل هي معرفه الأشياء وهذا إشارة إلى أن ادراك الجزئيات لا كمال فيه لأنها ادراكات متغيرة فاما ادراك الحقائق والماهيات فإنها باقيه مصونة عن التغير و النسخ وهي المسمات بأم الكتاب في قوله تعالى يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب.
وقيل الحكمة هي الاتيان بالفعل الذي له عاقبه محمودة.
وقيل هي الاقتداء بالخالق تعالى في السياسة بقدر الطاقة البشرية وقالت الفلاسفة الحكمة هي التشبه بالإله بقدر الطاقة البشرية أعني في العلم والعمل و ذلك بان يجتهد الانسان في أن ينزه علمه عن الجهل وفعله عن الجور وجوده عن البخل والتبذير وعفته عن الفجور والخمود وغضبه عن التهور والجبن وحلمه عن البطالة والجسارة وحياؤه عن الوقاحة والتعطيل ومحبته عن الغلو و التقصير وبالجملة كان مستويا على صراط الله من غير انحراف قائما بحق الله و حقوق خلقه.

(1) لظاهر لفظ الحسن وصريح لفظ بالعمل س ره (2) ليس هذا من الحكمة كما لا يخفى من المراد حكم وعلم قبل احكام العمل واتقانه به س ره.
(٥١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 509 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 » »»
الفهرست