الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٤ - الصفحة ٥١٢
الواجب فامر فوق الطاقة البشرية لان الشئ ما لم يعرف لا يطلب ماهيته (1) فعلى هذا الطريق كل عارف عالم ولا عكس ولذلك كان الرجل لا يسمى عارفا الا إذا توغل في ميادين العلم وترقى من مطالعها إلى مقاطعها ومن مباديها إلى غاياتها بحسب الطاقة البشرية وقال آخرون من أدرك شيئا وانحفظ اثره في نفسه (2) ثم أدرك ذلك الشئ ثانيا وعرف ان هذا ذاك الذي قد أدركه أولا فهذا هو المعرفة ثم من الناس من يقول بقدم الأرواح ومنهم من يقول بتقدمها على الأشباح (3) ويقول إنها هي الذر المستخرج من صلب آدم ع وانها أقرت بالإلهية (4) واعترفت بالربوبية الا انها لظلمه العلاقة البدنية نسيت مولاها وإذا عادت إلى أنفسها متخلصة من ظلمة البدن وهاوية الجسم عرفت انها كانت عارفه فلا جرم سمى هذا الادراك عرفانا.
ومنها الفهم وهو تصور الشئ من لفظ المخاطب والافهام وهو ايصال المعنى باللفظ إلى فهم السامع.

(1) ليس المراد بالمعرفة التصور وإن كان هذا هو المفروض لان مطلب الماهية طلب التصور بل المراد ان الشئ ما لم يصدق بهليته البسيطة لا يطلب ماهية فان مطلب هل البسيطة مقدم على مطلب ما الحقيقة س ره (2) أي لا نفسه والأظهر ان يقال وغاب ذلك الشئ وانحفظ اثره س ره (3) مع حدوثها وتوقيتها كألفي عام نجومي متمسكا بظاهر قوله ع خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام وذلك التقدم للتصديق بموطن العهد والميثاق المذكور في الكتاب المأثور من السنة لكن يرد عليهم بعلاوة ما ورد على القول بقدم الأرواح الجزئية هوياتها عدم المخصص للحدوث س ره (4) اقرارهم عدم وجود ماهياتهم بوجوداتها المتشتة بل كانت موجودة بوجود الله وبوجود علومه التفصيلية فكانوا مهللين مسبحين ناطقين بان العظمة لله والملك له و الحمد له ونسيانهم ابتلائهم بالطبيعة ولوازمها وتكونهم بالأكوان المتشتة الغاسقة س ره.
(٥١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 ... » »»
الفهرست