كما أنه صوره قدرته النافذة في كل شئ فذاته التي هي عين علمه حفيظ على كل شئ ومراتب علومه التفصيلية يحفظ بعضها بعضا لان علومه فعليه لا انفعالية واما اشعار مفهوم الحفظ بالتأكد بعد الضعف فغير معلوم الا في بعض المواد الجزئية واما استدلاله بأنه انما يحتاج إلى الحفظ فيما يجوز زواله ان أراد بالجواز الامكان الوقوعي فالحصر ممنوع وان أراد به الامكان الذاتي فلا يستلزم ذلك عدم جواز اطلاقه على علم الله التفصيلي الزائد على ذاته الثابت في قلمه الاعلى واللوح المحفوظ والمراد بما في اللوح المحفوظ هو صور علم الله المحفوظة عن النسخ والزوال بحفظ الله إياها وإدامته لها.
ومنها الذكر وهو ان الصورة المحفوظة إذا زالت عن القوة العاقلة فإذا حاول الذهن استرجاعها فتلك المحاولة هو التذكر وعند الحكماء لا بد في التذكر من وجود جوهر عقلي فيه جميع المعقولات وهو خزانة للقوة العاقلة الانسانية و اختلفوا في أن ذاته منفصله عن ذات النفس الانسانية أو متصلة اتصالا عقليا احتجبت عنه النفس اما بسبب اشتغالها بعالم الحس أو لعدم خروجها من القوة إلى الفعل في باب العقل والمعقول وقد أشرنا إلى لمعه من هذا المقام.
وقد تحير بعض الأكياس كالامام الرازي وغيره في باب التذكر فقال إن في التذكر سرا لا يعلمه الا الله وهو انه عبارة عن طلب رجوع تلك الصورة المنمحية الزائلة فتلك الصورة ان كانت مشعورا بها فهي حاضره حاصله والحاصل لا يمكن تحصيله وان لم يكن مشعورا بها فلا يمكن استرجاعها لان طلب ما لا يكون متصورا محال فعلى كلا التقديرين التذكر الذي بمعنى الاسترجاع ممتنع مع انا نجد من أنفسنا انا قد نطلبها ونسترجعها قال وهذه الاسرار إذا توغل العاقل فيها عرف انه لا يعرف كنهها مع أنها من أظهر الأشياء فكيف فيما هو من أخفاها.
أقول منشأ تحير هؤلاء القوم في مثل هذه المطالب انما هو لأجل عدم تحقيقهم امر الوجود الذي هو أظهر الأشياء وعند هذا الرجل انه مفهوم عقلي من المعقولات الثانية ولا يكون شئ منها أشد وشئ أضعف ولا أيضا ان لشئ