ذاتها محال ان يكون هي بعينها عين العقل بالفعل والا لكان شئ واحد بعينه قوه وفعلا جهلا وعلما واما كون تلك الصور المعقولة عقلا بالفعل على ما زعمه من أن الجوهر النفساني الذي هو صوره كمالية للحيوان البشرى اللحمي كان عاقلا لها و هو في ذاته كما قلنا فذلك قد كشفنا عن استحالته وأوضحنا فساده من الجانبين اما من جانب النفس فالذات العارية من العقل كيف تعقل صور عقلية مباينه الذات لها خارجه الوجود عن وجودها وأيضا ثبوت الشئ للشئ مطلقا كما أنه فرع لثبوت المثبت له ان ذهنا فذهنا وان خارجا فخارجا لان البرهان قائم على أن ما هو معدوم في ظرف من ظروف الوجود أو في عالم من العوالم فلا يمكن وجود شئ آخر له في ذلك الظرف أو العالم ضرورة ان الموجود لا يوجد الا لموجود لا لمفقود فكذلك حال الوجود العقلي للموجود في عالم العقل فان الوجود العقلي الصرف المجرد عن المواد وعلائقها لا يمكن ثبوته لشئ الا وله في ذاته مثل هذا الوجود بان يكون عقلا ومعقولا بالفعل فالمعقول بالفعل لا يثبت الا لمعقول بالفعل كما أن المعقول بالقوة وهو الصور المادية لا يثبت الا لمعقول بالقوة كالأجسام والمقادير التي هي ذوات الأوضاع فقد علم أن النفس قبل ان تصير ذاتا معقولة لا يثبت لها صوره من العقليات اللهم الا بالقوة كالصور الخيالية والوهمية قبل ان أشرقت على الخيال وعلى تلك الصور نور العقل الفعال واما من جانب تلك الصور العقلية (1) فقد علمت بالبرهان الذي ألهمني الله به ان تلك الصور بعينها مع قطع النظر عن جميع ما عداها هي معقولة الهويات في ذاتها سواء وجد شئ في العالم عقلها أو لم يوجد فإذا كانت هي مع قطع النظر عن تلك النفس معقولة فهي في حد ذاتها عاقلة لذاتها فلا محاله كانت النفس متحدة بها وهذا هو مطلوبنا.
واعلم أن الشيخ مع كونه من أشد المصرين في انكار القول باتحاد العاقل