ببعضه لا بكله وجب ان يكون للعقل الفعال بحسب كل تعقل ممكن الحصول للانسان جزء لكن التعقلات التي يقوى البشر عليها غير متناهية فاذن العقل الفعال مركب من اجزاء مختلفة الحقائق غير متناهية لان المعقولات المختلفة الحقائق غير متناهية ثم كل من تلك المعقولات يمكن حصولها للأنفس الغير المتناهية فيكون تعقل زيد مثلا للسواد مثل تعقل عمرو فاذن يكون للعقل الفعال بحسبها اجزاء غير متناهية متحدة بالنوع لا مره واحده بل مرارا غير متناهية كل منها غير متناهية متحدة بالنوع وهذا مع ما فيه من المحالات يلزمه محال من جهة أخرى وهو ان تلك المتحدات بالنوع لا يتمايز بالماهية ولوازمها بل بالعوارض الممكنة الافتراق وذلك لا يجوز الا بسبب المادة والعقل الفعال مجرد عنها فأجزاؤه أولى بالتجرد فهي غير متمايزة بالعوارض فهي غير متكثرة فالعقل الفعال بسيط وقد فرض مركبا هذا خلف فالقول باتحاد النفس بالعقل الفعال محال هذا ما ذكره المتأخرون في كتبهم مطبقين على بطلان هذا المذهب واليه أشار الشيخ في الإشارات بعد حكاية هذا المذهب بقوله وهؤلاء بين ان يجعلوا العقل الفعال متجزيا قد يتصل منه شئ دون شئ أو يجعلوا اتصالا واحدا به يجعل النفس كامله وأصله إلى كل معقول.
أقول هذا المذهب كالذي قبله لما كان منسوبا إلى العلماء الفاضلين المتقدمين في الحكمة والتعليم لا بد وأن يكون له وجه صحيح غامض يحتاج تحقيقه إلى بحث شديد وتفحص بالغ مع تصفية للذهن وتهذيب للخاطر وتضرع إلى الله تعالى و سؤال التوفيق والعون منه وقد كنا ابتهلنا إليه بعقولنا ورفعنا إليه أيدينا الباطنة لا أيدينا الداثرة فقط وبسطنا أنفسنا بين يديه وتضرعنا إليه طلبا لكشف هذه المسألة وأمثالها طلب ملتجئ ملجا غير متكاسل حتى أنار عقولنا بنوره الساطع وكشف عنا بعض الحجب والموانع فرأينا العالم العقلي موجودا واحدا يتصل به جميع الموجودات التي في هذا العالم ومنه بدؤها واليه معادها وهو أصل المعقولات وكل الماهيات من غير أن يتكثر ويتجزى ولا ان ينقص بفيضان شئ منه ولا ان يزداد باتصال شئ إليه لكن موضع اثبات هذا الجوهر واحكامه ليس هاهنا بل سيأتي من ذي