لا يتضمن ان ذلك الشئ آخر أو هو بل المتحرك إذا اقتضى شيئا محركا لم يكن نفس هذا الاقتضاء يوجب ان يكون شيئا آخر أو هو بل نوع آخر من البحث يوجب ذلك ويبين انه من المحال ان يكون ما يتحرك هو ما يحرك ولذلك لم يمتنع ان يتصور فريق لهم عدد ان في الأشياء شيئا محركا لذاته إلى وقت ان قام البرهان على امتناعه ولم يكن نفس المتحرك والمحرك يوجب ذلك إذ كان المتحرك يوجب ان يكون له محرك بلا شرط انه آخر أو هو والمحرك يوجب ان يكون له شئ متحرك عنه بلا شرط انه آخر أو هو وكذلك المضافات نعرف اثنينيتها لأمر لا لنفس النسبة والإضافة المفروضة في الذهن انتهى قوله ومع هذا التوضيح والتأكيد البالغ في وحده جهتي العاقلية والمعقولية في الذات المجردة التي عقلت ذاتها رجع صاحب التشكيك قائلا ان الشئ إذا عقل ذاته فلا شك ان الذات الموصوفة بالعاقلية هي بعينها الذات الموصوفة بعينها بالمعقولية لكن وصف العاقلية ليس بعينه وصف المعقولية (1) والذي يدل عليه ان كل ما كان عبارة عن حقيقة الشئ أو عما يكون جزء من حقيقته استحال تصور أحدهما مع الذهول عن الاخر ونحن يمكننا ان نحكم على الشئ بكونه معقولا وان لم نحكم بكونه عاقلا وأيضا يمكننا ان نحكم بكون الشئ عاقلا وان لم نحكم بكونه معقولا فاذن العاقلية و المعقولية وصفان متغايران وقد بينا انهما أمران ثبوتيان فاذن هما أمران ثبوتيان متغايران.
فان قيل لا يمكن تصور الشئ عاقلا الا إذا حكمنا بأنه معقول لذاته و بالعكس فعرفنا انهما واحد (2).