القوى الذي لا يصحبه هذه الشوائب العدمية هو عبارة عن الادراك فهذا يمكن ان يكون هو المراد بما ذكره القائل سابقا ان التعقل هو المجموع الحاصل من حضور الشئ وحاله أخرى له لو كان أراد بتلك الحالة استقلال الوجود وتأكده في الجملة بان يكون منقسما ولا ذا وضع حسي واقع في جهة من جهات العالم الوضعي وهذا حال كل صوره ادراكية فإنها غير قابله للإشارة الوضعية فان الصورة التي ينالها الحس ليست بالحقيقة هي التي تسمى بالكيفيات المحسوسة ولا التي تسمى بأوائل الملموسات وهي الحرارة الخارجية والبرودة الخارجية القابلة للإشارة الحسية الوضعية فإنها محسوسة بالقصد الثاني وبالعرض لا بالقصد الأول وبالذات فان المحسوس من حيث هو محسوس وجوده في نفسه بعينه وجوده للجوهر الحاس به وهذا النحو من الوجود هو محسوسيته كما أن وجود المعقول من حيث هو معقول ومعقوليته وحصوله للجوهر العاقل بعينه شئ واحد فالصورة المحسوسة بالذات ليس وجودها وجودا ذا وضع يمكن الإشارة إليها وإن كان من شرائط الادراك الحسى حصول نسبة وضعية بين آلة الادراك والشئ الذي يؤخذ منه تلك الصورة وهذه النسبة غير ثابته بين تلك الصورة وما يطابقه وتؤخذ منه وذلك الشرط غير محتاج إليه في غير الادراك الحسى من الادراكات الخيالية والوهمية والعقلية و ليس أيضا حصول الصورة الادراكية للمشاعر والمشاهد الادراكية كحصول الصور الكائنة في محالها الخارجية كما سنتلو عليك وجوه الفرق بين الحصولين
(٢٩٩)