قبول النفس للعظيم منها والصغير متساو فتقدر النفس ان تحضر في خيالها صوره جميع السماوات والأرض وما بينهما دفعه واحده من غير أن يتضيق عنها كما ورد عن مولانا وسيدنا محمد صلى الله عليه وآله ان قلب المؤمن أعظم من العرش وكما قال أبو يزيد البسطامي حكاية عن نفسه لو كان العرش وما حواه في زاوية من زوايا قلب أبى يزيد لما أحس به والسبب في ذلك أن النفس لا مقدار لها ولا وضع لها (1) والا لكانت محدودة بحد خاص ووضع خاص لا تقبل غيره الا ويزيد عليه أو ينقص عنه فبقي منه شئ غير مدرك لها أو بقي من النفس شئ غير مدرك له فيكون شئ واحد معلوما وغير معلوم أو عالما وغير عالم في آن واحد وهو محال بالبرهان والوجدان فانا نعلم أن النفس منا شخص واحد إذا أدرك مقدارا عظيما يدرك كله بكلها لا ببعضها إذ لا بعض لها لبساطتها.
وثالثها ان الكيفية الضعيفة تنمحي عند حصول الكيفية القوية في المادة بخلاف الصور النفسانية فان القوى منها لا يبطل الضعيف عند وروده سيما في التخيل والتعقل فان العقل يدرك الضعيف اثر القوى ويتخيل الصغير بعد العظيم والأنقص بعد الأشد.
ورابعها ان الكيفيات المادية يشار إليها بالحواس وهي واقعه في جهة من جهات هذا العالم وليس كذلك الصور الادراكية إذ لا إشارة إليها ولا وضع لها بمعنى المقولة ولا جزء منها.
وخامسها ان صوره واحده مادية يمكن أن تكون مدركه بادراكات كثيرة لأشخاص كثيرة بالمعنى المراد من ادراكها فتكون كتابه واحده يقع عليها ابصار كثيره أو صوت واحد تسمعه اسماع كثيره وليس كذلك وجود الصورة الادراكية