لعن الحكم بن العاص وابنه. ومن المعروف أن مروان بن الحكم ملعون كأبيه، لكن خدمه الحظ، وزوجة الخليفة عثمان بن عفان (رضي الله عنه) ابنته، واتخذه رئيسا لوزرائه، وحاملا لختمه، ولكن كل المسلمين يعلمون علم اليقين أن رسول الله لعن الحكم، ولعن مروان وهو في صلبه، وبالتالي يستحيل تكذيب واقعة لعن الرسول للحكم وابنه، فهي واقعة ثابتة ثبوتا يقينيا، وترويها أمة يمتنع عقلا اجتماعها على الكذب، وبالرغم من ذلك اصطفاه الخليفة عثمان، لأنه رأى أن أمر المسلمين لا يستقيم تماما إلا إذا استعان بهذا الذي لعنه رسول الله ولعن أباه، ثم إن عثمان خليفة ومروان هو ابن عمه، وبالتالي فهو برأيه يصل أرحامه!
فما هو المخرج الذي يضفي الشرعية على قرار الخليفة بتعيين مروان رئيسا لوزرائه؟
وكيف يمكن تجنب سخط العامة، وضمان الاستقرار، وضرب المعارضة، والتشكيك بسلامة موقفها، وتسليط الأضواء على سوء نيتها الطامعة بالانقضاض على السلطة، وسلب الأمر من أهله، وزعزعة وحدة المسلمين؟
فإذا جاء راو وشكك برسول الله نفسه، بما يخدم هدف السلطة، فإن رواية هذا الراوي تقبل، ولا مانع من تداولها وكتابتها وانتشارها، وهذا الراوي أو الرواة تفتح أمامهم أبواب الحياة، وينادى منادي السلطة أنهم من المقربين، وبهذه الحالة فالرواية والكتابة مباحة ولا يشملها الحظر.
جاء في صحيح البخاري كتاب الدعوات - باب قول النبي: من آذيته، وجاء في صحيح مسلم كتاب البر والصلة - باب من لعنه النبي (صلى الله عليه وسلم) وليس لها أهلا ما يلي:
(أن رسول الله كان يغضب، فيلعن، ويسب، ويؤذي من لا يستحقها، ودعا الله أن يجعلها لمن بدرت منه زكاة وطهورا).
ورويا أيضا في صحيح البخاري - كتاب بدء الخلق - باب صفة إبليس وجنوده، وكتاب الطب - باب هل يستخرج السحر، وباب السحر، وكتاب الأدب - باب أن الله يأمر بالعدل، وكتاب الدعوات، وفي صحيح مسلم - باب السحر ما يلي: