وعينه قائمة، أو فيما يكون له أصل ثابت، وإن لم يستمر الانتفاع به إلا في أوقات مخصوصة، فأما الأول: فهو كالدور، والمساكن، والضياع، والأراضي، والرقيق والحلي، وكتب العلوم، والمصاحف، وما جرى مجرى ذلك، وآلات الحرب. إذا وقف ذلك في الجهاد، مثل السيوف، والدروع، والخيل، وما جرى هذا المجرى.
وأما الثاني: فهو كالنخل، لأنه يصح وقف ثمرته (1)، والأصل ثابت ، وكذلك جميع ما جرى هذا المجرى، ولا يجوز وقف ما لا ينتفع به، إلا باستهلاك عينه، كالدنانير والدراهم، وما يؤكل، ويشرب، وما أشبه ذلك.
والصدقة ضربان: مطلقة وغير مطلقة، فالمطلقة: هي كل صدقة حصلت عارية من جميع الشروط، والذي ليس بمطلق منها ضربان: مشروط ومؤبد، والمشروط: كل صدقة علق الانتفاع بها بشرط لا يفيد التأبيد، وأما المؤبد: فهو كل صدقة شرط إيصال (2) الانتفاع بها إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها، والصدقة المطلقة يقتضي التمليك لرقبة الملك المتصدق به، ويصح من المتصدق عليه به التصرف في ذلك بالبيع، والهبة وغير ذلك من وجوه التصرف.
وأما الصدقة المشروطة: فإنها إذا وقعت كذلك، اقتضت تمليك الانتفاع بمنافعها دون رقبة الملك، ولا يصح تصرف المتصدق عليه بها في رقبة الملك، بل له التصرف في المنافع بحسب ما يقتضيه الشرط الحاصل فيها.
وأما المؤبد، فإذا وقعت الصدقة عليه كانت وقفا وحبسا، واقتضت صحة التصرف في منافعها من الموقوف عليه إلى حين انقراضه، ثم ينتقل ذلك إلى من شرط رجوع ذلك إليه من بعده.
فإن وقف إنسان وقفا، فيجب أن يذكر الموقوف عليه، ويقصد به وجه الله تعالى، فإن وقفه ولم يذكر الموقوف عليه، ولا قصد به وجه الله، لم يصح الوقف، وليس