يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار) * (1).
كما أنه سبحانه قد أمر بالتعقل في غير واحد من الآيات الكونية وقال: * (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون) * (2).
والدعوة إلى التفكير والتعقل في آياته سبحانه ليست لهدف الوقوف على النظام السائد في الكون الذي تتكفل ببيانه العلوم الطبيعية والفلكية، بل ثمة غاية قصوى هي أشرف من الأولى وهي الوقوف على باطن الكون الذي يعبر عنه سبحانه بملكوت السماوات والأرض، وهو عبارة عن جهة تعلقه بخالقه، وقيامه به قيام المعلول بالعلة، والمعنى الحرفي بالمعنى الاسمي، وهذا النمط من التفكير يصنع من الإنسان عارفا موحدا لا يرى شيئا إلا ويرى الله معه وقبله وبعده، قال سبحانه: * (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين) * (3). وقال سبحانه: * (أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شئ) * (4).
إنه سبحانه جهز الإنسان بالتفكير والتعقل، وأعطى له الأدوات المطلوبة، ومن أفضلها السمع والبصر، كما أشار إليه في قوله سبحانه: * (والله أخرجكم من