" أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزأه، ومن جزأه فقد جهله، ومن جهله فقد أشار إليه، ومن أشار إليه فقد حده، ومن حده فقد عده، ومن قال: فيم، فقد ضمنه، ومن قال: علام، فقد أخلى منه، كائن لا عن حدث، موجود لا عن عدم، مع كل شئ لا بمقارنة، وغير كل شئ لا بمزايلة فاعل لا بمعنى الحركات والآلة، بصير إذ لا منظور إليه من خلقه، متوحد إذ لا سكن يستأنس به، ولا يستوحش لفقده... ". (1) فهو عليه السلام في كلامه هذا يبين لنا كيفية وصفه سبحانه وتعالى بالعلم والقدرة أولا، كما يبين لنا مكانة الممكنات بالنسبة إليه سبحانه ثانيا، ثم يبين معنى كونه فاعلا وخالقا إلى غير ذلك من النكات البديعة في كلامه.
وقد تبعه الأئمة المعصومون فسلكوا سبيله في تبيين المعارف والعقائد، وإقامة البراهين الصحيحة المأخوذة من الكتاب والسنة أو العقل السليم، وكفى في ذلك ما ألفه شيخنا الصدوق في كتابه " التوحيد " فإنه نسخة عقلية، أو رشح من فيض، جمعه ذلك المحدث في القرن الرابع.
ويكفيك في الوقوف على بعد المنهجين (منهج الإمام علي عليه السلام والأئمة المعصومين، ومنهج أهل الحديث) مقارنة هذا الكتاب بكتاب التوحيد لابن خزيمة (المتوفى 311 ه) (2) الذي ألفه قريبا من عصر الصدوق في توحيد